بسام ن ضو *
المواطن اللبناني في كل المحافظات والأقضية مغلـوب على أمـره، مواطن لا يعرف معنى الخيار الحُـر، مواطن لا يُدرك معاني حرية القرار، مواطن سليب الإرادة، مواطن يتنكّر لحاضره الأليم ويُبدع في الفلسفة التي وضعته في آتون التسويات والمصالح الخاصة. ساسة مأجورون يُحاولون ضرب المواطن اللبناني ويسلخونه عن أرضه، ويتباهى أنه إنتخب هذا أو ذاك من المسؤولين، مواطن لا يُدرك أنه وقود يُشعلها ساسة الأمـر الواقع ويسخرون من غبائه القاتل، مواطن لم يُدرك حجم الوضع الذي أصبح فيه، مواطن لا يُدرك أنّ ساسة الأمر الواقع يسهرون ويتسامرون كل ليلة على حسابه ومصلحته .
مواطن مغلوب على أمـره مسكين بسيط وضائع بين ساسة الأمر الواقع وأصحاب المصالح الخاصة والمناصرين والطوائف والمذاهب ومأجوري السياسة، مواطن محروم من أبسط حقوقه محروم من الطبابة التعليم وكافة المستلزمات الحياتية محروم من كل شي من أساسيات الحياة الكريمة. مواطن يُشارك المسؤول بـ "الدبكة على وضعه "...
مواطن يُكافح ويفتش عن لقمة عيشه ب:"الفتيلة والسراج ". مواطن لا يُدرك أنّ النظام السياسي القائم يسرقه ويرهنه ويُساوم على كرامته... مواطن عند كل إستحقاق مفصلي كالإنتخابات يذهب كالحمل الوديع ويبصم على قطع رأسه لا بل رؤوس كل أفراد عائلته.
لمناسبة إنتهاء الإستحقاق البلدي والإختياري وما أسفرت عنه النتيجة هناك خوف يسكن الطبقة الأكاديمية ومراكز الأبحاث من قادم مجهول وثرثرات منافقي السياسة "دبّيكة المدن"، حقًا إنه المواطن المغلوب على أمره نعم قد يبدو هذا الموقف ساذجًا ولكنها الحقيقة، وهذا الموقف يتأسّسْ على الإعتراف بالضعف الفكري وبالهزيمة الفكرية التي تضرب عقول المواطنين اللبنانيين. حقًا إنها تراكمات تاريخية جوهرية مختلفة قديمة وجديدة وهي راسخة في أذهان الشرفاء ولكن "ما في اليد حيلة". إنّ نتيجة هذه الإنتخابات وما سيليها هي الأشد تأثيرًا وحتمًا ستطبع مرحلة جديدة وطويلة من الإستبداد السياسي وستنتهي بسقوط المواطنة في أيدي السلاّخين ومنظّري التقيّة.
نتيجة هذه الإنتخابات لن يقرأها المواطن اللبناني وهي بالطبع نتيجة سياسية سترسم معالم الجمهورية اللبنانية ولا يمكن لأيٍ كان سواء أكان علماني أو ديني من إنكارها لأنّ المواطن اللبناني متروك للقدر وجميع هؤلاء الساسة روحيين وزمنيين متآمرين على الوطن والشعب.
أيُعقـل أن يًصوِّتْ الشعب لجلاّديه ولسارقي خزينته ولناهبي مقدراته، أيعقل أن يتولى على المواطن اللبناني سارق ومفتعل في بكارة شرفه؟! إنّ ما تعرّضت له الديمقراطية منذ الرابع من أيار من تخريب لمضمونها ولمعناها هـو أخطـر ممّا تعرضت له في سنوات الإحتلال. فعلاً هناك طبقة سياسية حاقدة تزوّر إرادة الشعب تؤازرها مجموعات مُضلّلة ومُضلِّلَة قامت بإختطاف الرأي العام وإبتلعت الحقيقة وإتخذتها وسيلة للإبتزاز السياسي وتصفية الحساب مع خصومها ( ونذكر القارىء أنهم بالأمس القريب كانوا أصدقاء ومرّروا التسويات لبعضهم البعض )، وها هم مع هذا الإستحقاق البلدي والإختياري إنتحلوا صفة "الأوادم" وصادروا قرار الشعب وصوته وتحدّثوا بإسمه بطريقة توحي بأنهم مسؤولين ومهتمّين بمصير الشعب، والمؤسف أنهم يتحدثون بلغة "مصلحة المواطن ".
في نهاية الأمر يجب علينا كأديميين وناشطين سياسيين وكمراكز أبحاث والشرفاء عدم الخضوع والخنوع لإبتزاز بلطجة النظام السياسي والدبيّكي، فهؤلاء ليست غايتهم الإصلاح ومصلحة المواطن والوطن، بل تحقيق ما فشلوا في تحقيقه في مسيرتهم السياسية العفنة العميلة، وهذه المرة باسم "الإنتخابات البلدية والإختيارية " والنتيجة إننا كمناضلين شرفاء براء منهم ومن نتيجة تزوير ممنهجة لرأي الشعب.
*كاتب وباحث سياسي
Comments