تل أبيب تتوعد بأقسى الضربات ووزير الدفاع الإسرائيلي يحمل الحكومة اللبنانية المسؤولية
بيروت – بيروت تايمز - اعداد منى حسن
شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي، مساء الخميس 5 حزيران/يونيو 2025، سلسلة غارات عنيفة استهدفت الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، في تصعيد يُعدّ الأوسع منذ وقف إطلاق النار الذي أعقب جولة المواجهة الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل. وأفادت مصادر ميدانية لـ"بيروت تايمز" أن الغارات الإسرائيلية طالت مبنًى في منطقة الكفاءات، وآخر في شارع القائم، إضافة إلى موقع في الحدث، ضمن النطاق الجغرافي للضاحية الجنوبية، التي تُعد المعقل الأمني والسياسي لحزب الله. وشوهدت أعمدة الدخان الكثيف تتصاعد من المواقع المستهدفة، فيما دوّت أصوات انفجارات عنيفة هزّت العاصمة.
الرئيس عون يدين بشدة العدوان الإسرائيلي
اعرب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون عن ادانته الشديدة للعدوان الاسرائيلي على محيط العاصمة وقال:"رسالة يوجّهها مرتكب هذه الفظاعات، الى الولايات المتحدة الاميركية وسياساتها ومبادراتها أولاً، عبر صندوق بريد بيروت ودماء أبريائها ومدنييها، وهو ما لن يرضخ له لبنان أبداً".
إنذارات وتحذيرات ونزوح واسع
وقبيل تنفيذ الضربات، نفّذ الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن 10 غارات تحذيرية، في ما وصفه محللون عسكريون بأنه تكتيك يُستخدم لتحديد دقيق للأهداف والتقليل من الخسائر المدنية. كما وجّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر منصة "إكس"، إنذارات مباشرة لسكان مناطق الحدث، حارة حريك، وبرج البراجنة، مطالباً بإخلاء المباني المحددة في خرائط مرفقة، والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 300 متر. وأدى ذلك إلى حركة نزوح واسعة داخل أحياء الضاحية، ترافقت مع ازدحام خانق في الطرقات، في وقتٍ أفادت فيه مصادر محلية عن هلع في صفوف السكان، خصوصاً مع تحليق كثيف للطائرات المسيّرة فوق المنطقة.
أهداف الغارات: منشآت تحت الأرض لإنتاج المسيّرات
في تبريره للعملية، قال الجيش الإسرائيلي إن الضربات استهدفت بنى تحتية تحت الأرض تُستخدم في إنتاج الطائرات المسيّرة من قبل حزب الله، مرجّحاً استخدام قنابل خارقة للتحصينات نظراً لطبيعة الأهداف. وأضاف أن الضربات "ستكون الأقوى عشية عيد الأضحى"، في مؤشر واضح على تصعيد نوعي في أدوات المواجهة.
وزير الدفاع الإسرائيلي: "لن نتساهل بعد الآن"
من جهته، حمّل وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الحكومة اللبنانية "المسؤولية الكاملة" عمّا وصفه بـ"خرق وقف إطلاق النار"، مؤكداً أن الضربات نُفذت بناءً على تعليمات مباشرة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقال كاتس: "أصدرتُ مع رئيس الحكومة تعليمات واضحة بمهاجمة مبانٍ يستخدمها حزب الله لتصنيع المسيّرات في الضاحية الجنوبية. سنواصل فرض قواعد الاشتباك، ولن نتساهل مع أي تهديد".
وأضاف أن هذه العملية تمثل نقطة تحول في قواعد المواجهة، وأن الجيش الإسرائيلي "لن يبقى في موقع الدفاع بعد اليوم".
تنسيق إسرائيلي – أميركي: الضربات الأكبر منذ 2006؟
القناة 14 الإسرائيلية كشفت من جهتها أن الهجمات نُفذت "بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة"، في ما يعكس تحولاً في الموقف الأميركي من العمليات الإسرائيلية داخل العمق اللبناني. وأشارت القناة إلى أن هذه الغارات "قد تكون الأوسع على الضاحية الجنوبية منذ اتفاق وقف إطلاق النار عام 2006".
بالتزامن، أعلن الجيش الإسرائيلي وضع منظومات الدفاع الصاروخية شمال البلاد في حالة تأهب قصوى، تحسباً لأي رد من حزب الله، الذي لم يصدر عنه حتى لحظة إعداد هذا التقرير أي موقف رسمي.
السياق السياسي: اختبار للردع... وتحول في قواعد الاشتباك؟
التصعيد الإسرائيلي يأتي في لحظة سياسية وأمنية شديدة التعقيد، وَسَط مخاوف من تدهور أكبر قد يقود إلى مواجهة شاملة. ويرى مراقبون أن هذه الضربات تشكل اختباراً مزدوجاً: لقدرة إسرائيل على الردع من جهة، ولحجم الرد المحتمل من حزب الله من جهة أخرى. كما أن اختيار توقيت عشية عيد الأضحى لا يخلو من رمزية سياسية وعسكرية، ويُفسر على أنه رسالة مزدوجة للطرف اللبناني وللرأي العام الإقليمي.
الضاحية بعد الضربة: ما بعد القصف ليس كما قبله؟
في ظل هذا التصعيد، تتجه الأنظار إلى الضاحية الجنوبية ترقّباً لأي رد محتمل، في وقتٍ يلتزم فيه المسؤولون اللبنانيون الصمت، بانتظار اتضاح الموقف الميداني والسياسي في الساعات المقبلة.
وتشير التقديرات إلى أن ما بعد هذه الضربة قد لا يشبه ما قبلها، خاصة إذا ما قرر حزب الله الرد عسكرياً، ما يُنذر بانزلاق محتمل نحو حرب محدودة أو حتى مواجهة مفتوحة، في ظل هشاشة الوضع الإقليمي والدولي.
المواقع الاستراتيجية التي لم تُسلَّم
وتجدر الإشارة إلى أن المنطقة الممتدة جنوب نهر الليطاني، والتي خاض فيها حزب الله مواجهة مع الجيش الإسرائيلي استمرت أكثر من عام، كانت قد خضعت لاتفاق وقف إطلاق نار نصّ على تفكيك بنى الحزب التحتية وانسحاب إسرائيل من المناطق التي توغّلت فيها. ومع ذلك، أبقت تل أبيب على 5 مواقع تُصنف "استراتيجية" في نقاط التماس، ولا تزال بيروت تطالب بانسحاب إسرائيلي كامل منها.
مع تصاعد الضربات وغياب رد رسمي من حزب الله حتى الآن، يبقى الوضع مفتوحاً على كافة الاحتمالات، بين محاولة ضبط التصعيد وتهدئة التوتر، أو الانزلاق نحو تصعيد أكبر قد يغيّر معادلات المواجهة في لبنان والمنطقة.
Comments