تحليل اخباري - - - - - - - - - - - - - - - -
بيروت – بيروت تايمز - اعداد لبلى ابو حيدر
مع تصاعد الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، يمرّ الشرق الأوسط بواحدة من أكثر لحظاته توترًا منذ حرب تموز 2006. عملية "الأسد الصاعد" التي نفذتها القوات الجوية الإسرائيلية ضد أكثر من مئة هدف إيراني، شكّلت تحوّلاً نوعيًا في قواعد الاشتباك بين الطرفين، وقوبلت برد إيراني تحت عنوان "الوعد الصادق 3"، لتدخل الأزمة مرحلة غير مسبوقة من التصعيد.
مشهد عسكري غير مسبوق
في ساعات الفجر الأولى من يوم 13 حَزِيران، شنت إسرائيل أعنف هجوم على الداخل الإيراني، استهدفت فيه منشآت نووية وصاروخية ومراكز بحوث في نطنز، أصفهان، همدان، طِهران، خرم آباد، وتبريز، مما أسفر عن سقوط عدد من القتلى بينهم قياديون بالحرس الثوري الإيراني وعلماء نووييون، وفق ما أكدت مصادر أمنية غربية.
جاء الرد الإيراني في اليوم التالي عبر أكثر من 150 صاروخًا باليستيًا و100 طائرة مسيّرة استهدفت مدنًا إسرائيلية بينها تل أبيب والقدس وبئر السبع، ما أدى إلى مقتل 11 شخصًا وجرح ما يزيد عن 300 آخرين، حَسَبَ وزارة الصحة الإسرائيلية.
الرد الإيراني: القدرة حاضرة والقرار مشروط
رغم الضربة المكثفة، فإن الرد الإيراني لا يزال منضبطًا من حيث النطاق، ما يؤشر إلى استراتيجية إيرانية حذرة تقوم على:
- استخدام أدوات الرد غير المباشر: عبر أذرعها مثل "حزب الله"، "أنصار الله" الحوثيين، والميلشييات الحليفة في سوريا والعراق.
- الهجمات السيبرانية: التي عطلت مؤقتًا خِدْمَات الاتصالات الإسرائيلية ومواقع حساسة في البنية التحتية.
- تجنّب التصعيد النووي: رغم استهداف مواقع قريبة من منشآت تخصيب اليورانيوم، ما يشير إلى أن طهران لا تسعى حاليًا لتدويل المواجهة.
إلا أن الرد الإيراني يظل مرهونًا بعدة اعتبارات:
- الوضع الداخلي الإيراني المتأزم سياسيًا واقتصاديًا.
- ضغوط من حلفاء مثل روسيا والصين لتفادي حرب واسعة النطاق.
- التهديد الإسرائيلي بشن ضربة استباقية ضد البرنامَج النووي الإيراني في حال استمر التصعيد.
إسرائيل: ضربات استباقية ورسائل إلى طهران
تسعى إسرائيل إلى تغيير قواعد اللعبة عبر توجيه ضربات استباقية إلى عمق الأراضي الإيرانية. وقد شملت أهداف العملية:
- منشآت عسكرية في نطنز، بيدغان، بروجرد وهمدان.
- مخازن أسلحة ومراكز قيادة تابعة لـ "الحرس الثوري".
- مقر تابع لوزارة الدفاع الإيرانية في طهران.
كما أظهرت تقارير استخبارية أن الموساد نفذ عمليات دقيقة من داخل الأراضي الإيرانية، من بينها إنشاء قاعدة للطائرات المسيّرة في منطقة صحراوية قرب يزد، ما اعتبرته طِهران اختراقًا أمنيًا بالغ الخطورة.
ارتدادات الحرب: تهديد استقرار المنطقة والأسواق العالمية
- دول الجوار: الأردن اعترض صواريخ عبر دفاعاته الجوية، ولبنان يعيش توترًا ميدانيًا متصاعدًا على الحدود الجنوبية مع إسرائيل.
- الملاحة الدولية: تهديدات متبادلة بإغلاق مضيق هرمز والخليج العربي، ما يهدد استقرار سوق النفط العالمي.
- الدبلوماسية المعطلة: تعليق محادثات نووية بين طِهران وواشنطن، وَسَط فشل الجهود الأوروبية في تهدئة التوتر.
أما الولايات المتحدة، فتكتفي حاليًا بالدعم الدفاعي لإسرائيل، فيما تراقب عن كثب أي تهديد مباشر لقواعدها في العراق والخليج، وهو ما قد يغيّر قواعد تدخلها.
بين الردع والانفجار
رغم ضراوة الهجمات، يظل الطرفان، حتى اللحظة، يحرصان على عدم تجاوز "الخط الأحمر" المؤدي إلى حرب شاملة. كلاهما يملك من الأدوات ما يكفي لتدمير الآخر، لكن الحسابات الاستراتيجية، والتحذيرات الدولية، والضغوط الإقليمية تجعل من استمرار المواجهة المفتوحة احتمالًا محفوفًا بالخطر.
ومع انعدام المسار السياسي وتعليق المفاوضات النووية، يبقى السؤال الكبير معلقًا: هل يتحوّل الاشتباك المحدود إلى حرب إقليمية شاملة؟ أم أننا نشهد جولة جديدة من "حرب العقول" على حافَة الهاوية؟.
Comments