bah فادي السمردلي يكتب:حين تصبح القيادةعبادة للذات تدمر المنظومة وأسس القيادة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

فادي السمردلي يكتب:حين تصبح القيادةعبادة للذات تدمر المنظومة وأسس القيادة

06/16/2025 - 00:43 AM

بيروت

 

 فادي زواد السمردلي
 

في العديد من المؤسسات والمجتمعات، يبرز بعض القادة الذين يسعون إلى تصدر المشهد، ليس بدافع تحقيق النجاح الجماعي، بل انطلاقًا من رغبة شخصية في التميز والظهور، مما يؤدي إلى إضعاف بيئة العمل الجماعي وتشويه ادوات التعاون داخل المنظومة فهذا النمط من القيادة، المعروف بقيادة "الأنا"، يُحوّل المؤسسة من كيان متكامل يعمل بروح الفريق إلى ساحة تنافس غير صحي، حيث تصبح الأولوية ليست للإنجازات الفعلية، بل لصورة القائد الفردية وتأثيره الشخصي فعندما يسيطر هذا الأسلوب على طريقة الإدارة، يبدأ العمل الجماعي في التفكك، ويصبح كل فرد داخل المؤسسة متوجسًا من مشاركة الأفكار أو التعاون، خشية أن تُنسب إنجازاته إلى شخص آخر دون تقدير لمساهمته الفعلية.

القيادة التي تتمحور حول "الأنا" تخلق بيئة غير محفزة، حيث يشعر الأفراد بعدم التقدير، مما يقلل من دافعيتهم للإبداع والابتكار وعندما يتم احتكار القرارات من قبل شخص واحد، دون إشراك الفريق أو تقدير آرائه، يفقد الاعضاء والموظفون الإحساس بالمسؤولية والالتزام تجاه أهداف المنظومة او المؤسسة فبدلاً من أن يكون العمل الجماعي وسيلة لتحقيق نتائج أفضل، يتحول إلى مجرد وسيلة لتعزيز مكانة القائد ، مما يؤدي إلى تفشي الشعور بالإحباط والتراجع في الأداء العام كما أن هذه البيئة تعزز ثقافة المجاملة والتملق بدلاً من ثقافة الكفاءة والمهنية، حيث يسعى الأفراد إلى كسب رضا القائد بدلاً من التركيز على تطوير المؤسسة.

لا تتوقف آثار القيادة الفردية عند حدود المنظومة، بل تمتد إلى نظرة المجتمع الخارجي إليها فالمؤسسات التي تدار بأسلوب "الأنا" تُظهر صورة هشة ضعيفة وغير مستقرة، حيث تبدو عاجزة عن العمل كفريق، مما يجعلها أقل جاذبية للشراكات كما أن هذه المنظومات تصبح أكثر عرضة للانهيار، حيث تعتمد بشكل أساسي على شخص واحد ، بدلاً من بناء هيكل قوي يقوم على تكامل المهارات والخبرات المختلفة وفي المقابل، المؤسسات التي تعتمد على القيادة الجماعية تكتسب سمعة أقوى ، لأنها تعكس بيئة عمل مستقرة قائمة على التكامل والتعاون، مما يعزز من فرصها في تحقيق النجاح المستدام.

للتغلب على مشكلة القيادة الفردية، يجب تبني ثقافة القيادة التشاركية، حيث يتم تمكين جميع الأفراد من لعب دور فاعل في عملية اتخاذ القرار، ويتم الاعتراف بمساهماتهم بشكل عادل وشفاف فالقادة الحقيقيون هم من يدركون أن نجاحهم مرتبط بنجاح فرقهم، وأن بناء بيئة عمل قائمة على الثقة والتعاون هو المفتاح لتحقيق الاستدامة والتميز كما أن المؤسسات الناجحة تعتمد على توزيع المسؤوليات بشكل متوازن، بحيث يكون لكل فرد دور واضح ومؤثر في تحقيق الأهداف المشتركة.

القيادة ليست مجرد منصب أو فرصة للتألق الشخصي، بل هي مسؤولية تتطلب رؤية شاملة وقدرة على تحفيز الآخرين للعمل معًا من أجل تحقيق أهداف مشتركة فالقائد الذي يسعى إلى إبراز نفسه فقط دون تمكين فريقه، قد يحقق نجاحًا مؤقتًا، لكنه لن يتمكن من بناء منظومة قوية قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية أما القائد الذي يدرك أهمية التعاون، فإنه يخلق بيئة عمل مزدهرة، تعزز من كفاءة المؤسسة، وترتقي بسمعتها داخليًا وخارجيًا، مما يضمن استمراريتها ونجاحها على المدى البعيد.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment