bah فادي السمردلي يكتب؛ التصعيد الإيراني الإسرائيلي تحوّل في قواعد الاشتباك وتوازن الردع - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

فادي السمردلي يكتب؛ التصعيد الإيراني الإسرائيلي تحوّل في قواعد الاشتباك وتوازن الردع

06/21/2025 - 17:55 PM

Atlas New

 

 

 

بقلم فادي زواد السمردلي


في تطور دراماتيكي ينذر بتغيير قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط، اندلع صراع عسكري مباشر بين إيران وإسرائيل، وُصف بأنه الأخطر منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979 فبعيدًا عن حروب الوكلاء، جاء التصعيد هذه المرة في صورة ضربات عسكرية مكثفة بين قوتين تملكان قدرات تسليحية متقدمة.

بدأت شرارة المواجهة مع عملية إسرائيلية واسعة النطاق حملت اسم "Rising Lion" ،استهدفت مواقع استراتيجية داخل إيران، شملت منشآت نووية في نطنز ومقرات للحرس الثوري ومراكز اتصالات عسكرية فالعملية التي وصفتها القيادة العسكرية الإسرائيلية بأنها "ضربة استباقية شاملة"، جاءت في وقت كان فيه التوتر يتصاعد بشكل غير مسبوق ووفقًا لتسريبات أمنية، فقد قُتل خلال الضربات عدد من القادة العسكريين .

رد إيران لم يأتِ على استحياء، بل جاء مدروسًا ومكثفًا عبر عملية "الوعد الصادق 3"، التي شملت إطلاق مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة نحو أهداف داخل العمق الإسرائيلي ورغم أن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية اعترضت الهجمات، إلا إن بعض الصواريخ استطاعت اختراق الدفاعات، لتسقط في مناطق استراتيجية، مما أسفر عن إصابات مادية وبشرية وفرض حالة طوارئ شاملة.

اللافت أن هذا التصعيد جاء وسط صمت إقليمي، وحراك دبلوماسي مكثف لمحاولة احتواء الانفجار الكبير فعواصم مثل عمّان والرياض والقاهرة أعربت عن قلقها العميق من انزلاق الأوضاع إلى حرب إقليمية شاملة، قد تكون عواقبها مدمّرة على أمن المنطقة واستقرارها.

خلفيات هذا التصعيد تعود إلى جذور الصراع الطويل بين الطرفين فإسرائيل تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا مباشرًا، وتتهم طهران بتمويل وتسليح جماعات معادية لها في الاقليم وعلى الجانب الآخر، ترفض إيران الاعتراف بشرعية الدولة العبرية، وتعتبر وجودها مشروعًا استعماريًا يجب مقاومته.

تشير التحليلات إلى أن ما يحدث يتجاوز مجرد مواجهة عسكرية عابرة بل يمثل تغييرًا استراتيجيًا في آليات الردع والتفاعل بين الطرفين فالخيار العسكري لم يعد حكرًا على الوكلاء، وإنما أصبح خيارًا مباشرًا بين الدولتين وهذا التطور قد يفتح الباب لانخراط لاعبين إقليميين آخرين مما يعني إمكانية فتح أكثر من جبهة في توقيت حساس للغاية.

في الوقت نفسه، لا يمكن إغفال الهشاشة الداخلية التي تعاني منها كل من إيران وإسرائيل ففي الأولى، تشهد البلاد ضغوطًا اقتصادية واحتجاجات متقطعة منذ سنوات، بينما تواجه الثانية انقسامًا سياسيًا داخليًا حادًا يعكس أزمة ثقة بين القيادة والمجتمع وهذه العوامل تجعل من الصعب التنبؤ بخطوات الطرفين، وقد تدفع إحداهما أو كليهما إلى التصعيد لتوحيد الصفوف داخليًا.

ما حدث في حزيران 2025 لا يمكن اعتباره مجرد تصعيد عابر، بل هو لحظة مفصلية تعكس تحولًا في طبيعة الصراع بين قوتين متنازعتين على النفوذ في الشرق الأوسط ومع كل صاروخ ينطلق، ومع كل غارة تُنفّذ، يصبح المشهد أكثر تعقيدًا، والسؤال الأكثر إلحاحًا هل سنشهد انزلاقًا نحو حرب إقليمية شاملة، أم أن الأمم المتحدة وقوى الاقليم سيتدخلون لرسم حدود جديدة للعبة النار والردع؟

يبقى أن نراقب بحذر هل ما نعيشه الآن هو بداية النهاية لصراع طويل، أم بداية لمرحلة أشد وأوسع؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment