bah أي قانون انتخابي يصلح للبنان؟ من المناصفة إلى الشراكة الوطنية - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

أي قانون انتخابي يصلح للبنان؟ من المناصفة إلى الشراكة الوطنية

06/29/2025 - 04:08 AM

Bt adv

 

 

 

الاعلامي كريم حداد

 

هل تتجه القوى السياسية إلى هذا الخيار؟ أم تبقى رهينة الصيَغ المجتزأة التي تحمي الواقع المهترئ أكثر مما تصنع المستقبل؟ بين النصوص الدستورية والوقائع السياسية، ما زال القانون الانتخابي في لبنان موضع جدل واسع، خصوصًا في ظل التركيبة الطائفية المعقّدة والبحث الدائم عن نظام عادل يضمن الشراكة بين المسلمين والمسيحيين. وبعد تجربة قانون 2017 النسبي المشوّه، تبرز اليوم حاجة ملحّة إلى قانون جديد يُخرج الحياة السياسية من الزواريب الطائفية إلى فضاء وطني أوسع، دون المساس بالمناصفة التي أرساها اتفاق الطائف.

فما هو القانون الانتخابي الأنسب للبنان؟ وهل يمكن التوفيق بين مقتضيات التمثيل الصحيح ومتطلبات الاستقرار الوطني؟

قانون 2017: من النسبية إلى التقييد

القانون المعمول به حاليًا، والذي اعتمد في انتخابات 2018 و2022، يقوم على النسبية في 15 دائرة متوسطة أو صغيرة الحجم، مع اعتماد صوت تفضيلي واحد على مستوى القضاء. صحيح أنّه أدخل لبنان إلى عصر التمثيل النسبي للمرة الأولى، لكنه في الواقع كرّس الزعامات التقليدية، وشجّع على الفرز الطائفي ضمن الدوائر المصممة بطريقة تخدم التوازنات السياسية أكثر مما تخدم وحدة التمثيل الوطني.

كما أن الصوت التفضيلي، بدلاً من أن يُعزز المنافسة الديمقراطية، عمّق الانقسام داخل اللوائح الواحدة، وأعطى أولوية للزعامة الفردية على حساب الرؤية الجماعية.

البديل المنشود: قانون نسبي متكامل على أساس الدوائر الكبرى

في مواجهة هذه الثغرات، يطرح العديد من الباحثين والناشطين والسياسيين قانونًا انتخابيًا جديدًا يقوم على النسبية الكاملة في 5 دوائر كبرى (وفق المحافظات الموسعة)، مع صوت تفضيلي ضمن القضاء، وتثبيت المناصفة بين المسلمين والمسيحيين (64/64 نائبًا)، كما ينصّ الدستور.

هذا الطرح لا يقتصر على التقنيّات الانتخابية، بل يُعبّر عن فلسفة وطنية تقوم على ثلاثة أسس:

1. تعزيز الشراكة الوطنية بدل تقاسم النفوذ الطائفي.

2. تمثيل متوازن وعادل لكل المكوّنات، مع كسر الاحتكارات السياسية.

3. التمهيد لإلغاء الطائفية السياسية تدريجيًا، عبر إنشاء مجلس شيوخ يُعنى بالقضايا المصيرية، وترك التمثيل النيابي للمواطنين، لا للطوائف.

بين النص والواقع

يظلّ التحدّي الأكبر في قدرة القوى السياسية على التخلي عن امتيازاتها المناطقية لصالح بناء وطن يعلو فيه الانتماء إلى الدولة على الولاء للطائفة. فقانون انتخابي قائم على النسبية والدوائر الكبرى لا يهدد المناصفة، بل يعيد المعنى الحقيقي إليها، بوصفها ضمانة للتنوّع والتكامل، لا حلبة صراع عددي.

في الخلاصة

لن تُبنى دولة المواطنة من دون قانون انتخابي عصري، عادل، وشفاف. لبنان لا يحتاج فقط إلى قانون انتخابي جديد، بل إلى رؤية جديدة للتمثيل السياسي، تعترف بالمناصفة لكنها تسعى إلى تجاوز الطائفية، وتعتمد النسبية ولكن بروح الشراكة، وتفتح المجال للمغتربين، وللشباب، وللأصوات المدنية بأن تُشارك في صناعة القرار.

 

 

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment