bah أوقفوا تخصيب العنصريَّة في مؤسَّساتكم - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

أوقفوا تخصيب العنصريَّة في مؤسَّساتكم

06/29/2025 - 18:18 PM

absolute collision

 

 

بقلم: مارون سامي عزّام

 

تفاجأت قبل أسبوعين كغيري من الإسرائيليين، بالحملة العسكريَّة التي شنّتها إسرائيل على إيران، بدون إنذار مُسبَق، فوجدتُ شاشة هاتفي مغطّاة برسالة نصيَّة تحذيريَّة من الجبهة الدّاخليَّة، استَيقظتُ مذهولًا كغيري من السكّان العَرَب، ليس بسبب "الحملة" التي سرعان ما تحوَّلَت إلى حرب مباشرة مع إيران، بل لأنّنا الوحيدون الأكثر عرضةً للخطَر الصّاروخي، فمعظم المنازل قديمة، بُنِيَت حسب التخطيط القديم، بحَيثُ لم يُلزم العرب حينها ببناء مكان آمنٍ داخِليّ، باستثناء الدور والبنايات الجديدة.

مهما يحدث في هذه الدولة من أزمات أمنيَّة، وأحداث عسكريَّة غير متوقَّعة، سنبقى بلا حماية، عُراة من أي غطاء رسمي من الجبهة المتخلِّية عنّا... عفوًا من الجبهة الدّاخلية، التي يُفتَرَض أن توفِّر لمواطنيها العرب، الملاجئ العموميَّة الآمنة، التي أهملت السلطات المحليَّة رعايتها وصيانتها، لعدم تقديم الجهات المسئولة، ميزانيّات خاصّة، تحمي المواطن العربي من الإصابة المباشرة، سواء من الصواريخ البالستيَّة المباشرة، أو الاعتراضيَّة حتّى، التي سقطت شظاياها فوق البلدات العربيَّة، المفتقدة غالبيتها لدعم الجيش، حامي حمى شعبه...

لقد شاهدنا بأُمِّ أعيننا تبلور أعلى درجات تخصيب العنصريَّة في أروقة الإعلام العبري، لأنه تجاهل أي سقوط صاروخي في الوسط العربي، خلال حرب الـ 12 يومًا، كما سمّاها المغرِّد الدّائم ترامب، الذي أعطى الضوء الأخضر غير المُعلَن، للمُخرج الحربي نتنياهو. عندما أُصيبَت أحد المنازل في مدينة طمرة بضربة صاروخيّة مباشرة، أصابت المجتمع العربي بضربة موجعة من الحزن، بعد أن فقدت عائلة أربعة من أفرادها، ما زالوا يسيرون في بدايات طريق مستقبلهم، ورغم كل ما حصل لهم، تلقّوا للأسف الشَّديد ضربة أصعب وأخطر، إذ أطلقت منصّات اللؤم المخصَّبة بكميّات عالية من العنصريَّة، قاذفات الحقد، لم يوقفها أي نائب عاقل في الكنيست، لأنها تجذَّرت في عُمق قطاعات الدولة.

نتنياهو المنتصِر فقط على سياساته غير المتوقَّعة، لم يُعبِّر عن أسفه لما حدث... لم يهاتف رب الأُسرة، المحامي رجا خطيب... لم يستنكر بوضوح التصريحات الدَّنيئة التي طالت مدينة طمرة تحديدًا، المنكوبة بمواطنيها وممتلكاتها.

عدم إلقاء الضوء على واقع السكّان العرب المُهمَل، معروفة مُسبقًا، ولا تحتاج إلى توجيهات رسميّة من الدَّولة لتَعترف بها، بل تحتاج إلى توجّهات تفقُّديَّة منها، لترى عدم توفُّر بنية طوارئ أساسيّة في الوسط العربي، بسبب إقصائه عن الخريطة الدّفاعيّة، التي يجب أن تكون تحت صيانة قيادة الجبهة الدّاخليَّة، لذا بقي العرب بدون خطط حكوميَّة شاملة... بدون خدمات عصريَّة مُلائمَة، كالتي يحتاجونها، فما زالوا محرومين من الميزانيّات المستعجلة، التي من المفروض أن تُؤمِّن الحماية لبيئتهم.

في عام 2021، توجَّهَت بلديَّة شفاعمرو لوزارة الأمن، لكي تبني في المدينة ملاجئ عموميَّة، وأمكنة مُحصَّنة، لقد كان رد الوزارة، بأنَّ الميزانية مُخصَّصة "للأولويات الأمنيَّة الأخرى!!"، بما يعني أنّنا فئة منبوذة، معزولة سياسيًا وتمثيليًّا، وهذا يؤكِّد ما جاء في تقرير مراقب الدّولة، منذ عام 2022، بأن نسبة 28% من بيوت عرب إسرائيل فقط، لديها مساحة سكنيَّة آمنة، والتي أصبحت قانونيَّة، بعد حرب الخليج الأولى، عام 1991... لذا المطلوب، إجراء تغيير في رؤية الدّولة للسكّان العرب، وليس في تعاملها، بهدف نخر الأسس الديموقراطيَّة!!

على القيِّمين في وزارتَي الدّفاع والدّاخليَّة، وبالتعاون مع قيادة الجبهة الدّاخلية، أن يوقفوا حالًا تخصيب العنصريَّة في منشآتهم المنتشرة في أقسامهم، كذلك عليهم أن يُغيِّروا سياسة تخصيص الميزانيّات، التخطيط والرقابة... السلطات المحليَّة العربيَّة، تعاني من تمييز صارخ في توزيع المنحات الموجَّهة للحماية المدنيَّة، لأنها يجب أن تكون بمنتهى الشفافيَّة، غير منحازة أبدًا، شريطة أن تأخذ بعين الاعتبار مستوى الخطر، وأيضًا مستوى النَّقص بمعدّات الإنقاذ والإمدادات.

من أجل وقف تخصيب العنصريَّة في المنشآت الوزاريَّة، على الجهات المعنيَّة أن تمنح البلديات العربيَّة تمثيلًا في جميع المؤسّسات المسئولة عن الطوارئ... لتضمن تعاونًا حقيقيًّا، ليس فقط في حالات الحرب، بل أيضًا في التخطيط للمدى البعيد، لخلقِ واقع محمي جديد، بوضع خريطة لبنية طوارئ متينة في البلدات العربيَّة، بالتركيز على الحارات المكتظَّة، المفتقرة لمناطق إخلاء منظَّمة. كي تتعطَّل منظومة التمييز كلِّيًّا، على حكومة التنكيل بالعرب، أن تُنَكِّل بسياستها العنصريَّة تجاههم، حتّى ينالوا قسطًا من المساواة...

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment