bah لبنان وسوريا في مواجهة الاتفاقات الإبراهيمية: صمود سياسي أم عزلة إستراتيجية؟ - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

لبنان وسوريا في مواجهة الاتفاقات الإبراهيمية: صمود سياسي أم عزلة إستراتيجية؟

06/29/2025 - 18:33 PM

Atlas New

 


 

إعداد: جورج ديب - وحدة التحقيقات - بيروت تايمز

 

منذ الإعلان عن أولى الاتفاقات الإبراهيمية في آب 2020 الماضي، والتي أفضت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية برعاية أميركية، دخلت المنطقة مرحلة جديدة من التحالفات الإقليمية وإعادة تموضع استراتيجي. وفيما انضمت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان إلى هذه الاتفاقات، بقي لبنان وسوريا خارج هذا الإطار، متمسكين بخطاب الممانعة والمقاطعة، على الرغم من الضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة. فهل يُمكن للبنان وسوريا الاستمرار في هذا الموقف؟ أم أن الضغوط العسكرية والاقتصادية والسياسية ستدفعهما في نهاية المطاف إلى الانخراط في "السلام الإبراهيمي"؟ وما الثمن؟

 

أولًا: ما هي الاتفاقات الإبراهيمية؟

الاتفاقات الإبراهيمية هي مبادرة دبلوماسية أميركية أطلقتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2020، وتهدف إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، وتوسيع التعاون في مجالات الاقتصاد، الأمن، التكنولوجيا، ومكافحة الإرهاب، على قاعدة "السلام مقابل الفرص".

شكّلت هذه الاتفاقات تحوّلًا كبيرًا في العلاقات العربية-الإسرائيلية، إذ تجاوزت المبادرة المبادئ التقليدية للمبادرة العربية للسلام (2002) التي اشترطت قيام دولة فلسطينية مقابل التطبيع.

 

ثانيًا: موقف لبنان... بين العداء العقائدي والتوازنات الداخلية

لبنان، رسميًا، ما زال في حالة حرب مع إسرائيل، ويمنع مواطنيه من السفر إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة أو التعامل مع الإسرائيليين بأي شكل. كما يُجرّم قانونيًا أي تطبيع علني أو ضمني، وتستند الدولة اللبنانية إلى مبررات قانونية وسياسية، أبرزها:

- استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا في جنوب لبنان.

- مِلَفّ اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، الذين يقدّر عددهم بـأكثر من 550 ألف لاجئ.

- وجود مقاومة مسلّحة (حزب الله) تعتبر نفسها في مواجهة دائمة مع إسرائيل.

لكن الواقع أعمق من ذلك، فالانقسام السياسي والطائفي الداخلي يجعل أي محاولة للانخراط في اتفاق إقليمي مع إسرائيل بمنزلة انتحار سياسي لأي طرف. وقد أعلنت أطراف لبنانية مؤثرة، من ضمنها "حزب الله" وحلفاؤه، أن الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية يعني نسف ثوابت لبنان الوطنية والتاريخية، و"مكافأة المحتل على جرائمه".

في المقابل، ترى أوساط سياسية واقتصادية، كما نقلت "بيروت تايمز"، أن الوقت قد حان لإعادة النظر في سياسات العداء المطلق، والانفتاح على العالم العربي الجديد، بما يحقق مصلحة لبنان الاقتصادية و"يفك عزلته" عن محيطه.

 

ثالثًا: سوريا... العقوبات أولًا وأخيرًا

بالنسبة لسوريا، فإن العقبة الأساسية أمام أي تطبيع مع إسرائيل لا تكمن فقط في الخطاب العقائدي أو التحالف مع إيران، بل في:

- احتلال إسرائيل لهضبة الجولان منذ عام 1967 وضمّها رسميًا عام 1981.

- العقوبات الأميركية (قانون قيصر)، التي تمنع أي علاقة رسمية بين دمشق وواشنطن أو شركائها.

- التحالف الاستراتيجي مع إيران وروسيا، وكراهية سياسية مزمنة لاتفاقات السلام المنفردة.

لكن في السنوات الأخيرة، كما تتابع "بيروت تايمز" من مصادر دبلوماسية، عادت سوريا تدريجيًا إلى الحضن العربي، كما عُقدت لقاءات غير مباشرة بينها وبين مسؤولين إسرائيليين بوساطات روسية وخليجية. ومع ذلك، يبقى أي انخراط سوري رسمي في الاتفاقات الإبراهيمية بعيد المنال، ما لم يتم التوصل إلى تفاهمات دولية كبرى تشمل رفع العقوبات، إعادة الإعمار، وضمانات بشأن الجولان.

 

رابعًا: الضغوط الأميركية والإسرائيلية

تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى توسيع نطاق الاتفاقات الإبراهيمية لتشمل دولًا جديدة، وعلى رأسها السُّعُودية ولبنان وسوريا، وفي حالة لبنان، كشفت مصادر دبلوماسية لـ "بيروت تايمز" أن وفودًا غير رسمية أميركية قدمت إلى بيروت خلال العامين الأخيرين، وأجرت لقاءات مع شخصيات سياسية وأمنية للبحث في "خريطة طريق تدريجية للتطبيع"، تشمل:

- ضبط الحدود مع إسرائيل جنوبًا.

- حل مِلَفّ سلاح "حزب الله".

- تنسيق أمني مع قوات اليونيفيل.

- برامج تنموية تمولها واشنطن والخليج.

أما في الحالة السورية، فقد أشار تقريران استخباريان اطّلعت عليهما "بيروت تايمز" إلى أن إسرائيل نقلت رسائل عبر موسكو وأبو ظبي إلى دمشق تتعلق بإمكانية التفاوض المباشر مقابل انسحابات جزئية من الجولان وتسهيلات اقتصادية.

 

خامسًا: هل ينجو لبنان وسوريا من العاصفة؟

يرى خبراء سياسيون أن لبنان وسوريا يقفان اليوم أمام منعطف شديد الْخَطَر، في ظل تغيرات عميقة في الإقليم:

- صفقة محتملة كبرى بين الغرب وإيران قد تشمل إعادة تموضع "حزب الله".

- مفاوضات سرية حول الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل.

- ضغوط مالية هائلة على لبنان، تتطلب دعمًا خليجيًا لا يأتي دون شروط.

ويعتقد بعض المحللين، كما أفادت تقارير خاصة لـ "بيروت تايمز"، أن المرحلة المقبلة قد تشهد:

- محاولات لتجزئة الملفات: فصل مِلَفّ سلاح الحزب عن مِلَفّ السلام.

- ربط إعادة الإعمار في سوريا بشرط الانضمام إلى التفاهمات الإبراهيمية.

- مشروعات تعاون اقتصادي ثلاثي (لبنان – إسرائيل – الأردن) في قطاع الغاز والطاقة.

 

الثوابت تُختبر... والمواقف تتآكل

رغم ثَبات لبنان وسوريا في موقفهما الرافض حتى الآن، إلا أن التوازنات تتغير بسرعة. فمع تفاقم الضغوط، واهتراء الاقتصاد، وتقدّم مشروعات التحالف الإقليمي الجديد، يبقى السؤال:

هل يستطيع لبنان وسوريا مواصلة سياسة الرفض والمواجهة؟ أم أن قطار "الاتفاقات الإبراهيمية" سيمر بهما، عاجلًا أم آجلًا، بشروط أو بدونها؟.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment