بيروت – منى حسن – مجلس النواب – بيروت تايمز
وَسَط إجراءات أمنية مشددة، انعقدت الجِلسة التشريعية العامة في مجلس النواب اللبناني، بعد تأخير دام قرابة الساعة عن الموعد المحدد، نتيجة عدم اكتمال النصاب القانوني. وقد نجحت مِرْوَحَة واسعة من الاتصالات والمشاورات السياسية في تأمين النصاب بحضور 65 نائبًا، ما سمح باستئناف الجِلسة ومتابعة جدول الأعمال.
وبحسب معلومات خاصة أفادت بها مصادر نيابية لـ"بيروت تايمز"، فإن الجهود لتأمين النصاب تولاها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، بالتنسيق مع عدد من رؤساء الكتل النيابية، حيث جرى التواصل مع نواب مترددين لحثهم على الحضور وضمان انعقاد الجِلسة.
في المقابل، غاب عن الجِلسة نواب حزب "القوات اللبنانية" و"الكتائب" وبعض النواب التغييريين والمستقلين، احتجاجًا على عدم إدراج اقتراح قانون يسمح للمغتربين اللبنانيين بالاقتراع لـ128 نائبًا، بدلًا من 6 نواب فقط كما ينص القانون الحالي، على جدول الأعمال. ويُعد هذا الغياب موقفًا سياسيًا واضحًا من قبل الكتل السيادية الداعية إلى إنصاف المغتربين وتمكينهم من التمثيل الكامل في الانتخابات المقبلة المقررة في مايو 2026.
وكان هؤلاء النواب قد تقدموا بعريضة نيابية تُلزم رئيس مجلس النواب نبيه بري بإدراج اقتراح قانون تعديل آلية اقتراع المغتربين على جدول أعمال الجِلسة العامة. إلا أن رئاسة المجلس امتنعت عن مناقشتها للمرة الثانية، ما أجهض مساعي المعارضة لمحاصرة ما يُعرف بـ"الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل)، وفتح الباب أمام مواجهة سياسية جديدة في مِلَفّ حسّاس يعتبره المعارضون مفصليًا لإعادة بناء الثقة الانتخابية بالمغترب اللبناني.
خلال الجِلسة، أقر المجلس عددًا من المشروعات أبرزها:
فتح اعتماد إضافي في موازنة 2025، لمنح العسكريين في الخدمة الفعلية منحة مالية شهرية بقيمة 14 مليون ليرة، وللمتقاعدين 12 مليون ليرة، على أن تسري اعتبارًا من 1 تموز 2025 (مرسوم رَقَم 493).
تنظيم مزاولة مهنة علوم الأشعة في لبنان (مرسوم رقم 11511).
إجازة انضمام لبنان إلى بروتوكول اتفاق مدريد بشأن التسجيل الدولي للعلامات (مرسوم رقم 13356).
تمكين البلديات بعد تعديل اقتراح القانون وحذف كلمة "المحاكم" من المادة الرابعة.
كما قرر المجلس إرجاء البت في اقتراح تعديل قانون مزاولة مهنة الصيدلة العائد للعام 1949.
في ختام الجلسة، أعلن الرئيس نبيه بري رفع الجلسة، من دون تحديد موعد لاحق للبحث في العريضة النيابية، التي تبقى عالقة وسط الانقسام النيابي الحاد بشأنها.
المغتربون... في قلب الاشتباك السياسي:
يأتي هذا السجال في وقت ترتفع فيه الأصوات المطالبة بمنح المغتربين حق الاقتراع الكامل، أسوة بالمقيمين، لا سيما بعد أن أثبتت الانتخابات الماضية عام 2022، الحضور الوازن للبنانيي الاغتراب في الاستحقاق النيابي، رغم اقتصار دورهم على انتخاب 6 نواب فقط يمثلون القارات الست.
ويرى نواب المعارضة أن القانون الحالي يُقصي شريحة كبرى من اللبنانيين المقيمين في الخارج، ويمنعهم من ممارسة حقهم الدستوري بالمشاركة في اختيار كامل تركيبة البرلمان.
رغم الأجواء المتشنجة، أكدت مصادر نيابية مطلعة لـ"بيروت تايمز" أن الرئيس بري لن يبادر في المدى القريب إلى الدعوة لعقد جلسة نيابية عامة مخصصة للنظر في العريضة النيابية المتعلقة باقتراع المغتربين، معتبرة أن الأولويات التشريعية الراهنة تتعلق بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية الملحة، وأن إدراج موضوع العريضة يحتاج إلى توافق سياسي أوسع لم يتأمن بعد.
في المحصلة، تبقى المواجهة النيابية حول المغتربين مفتوحة على احتمالات متعددة، بينما يستمر الإخفاق في إدراج حقهم الكامل في الاقتراع على جدول الأعمال، ما يطرح علامات استفهام كبرى حول المسار الديمقراطي ومدى احترام التعددية السياسية وتمثيل اللبنانيين في الداخل والخارج على السواء.
Comments