bah إشكالية هوية لبنانية مزارع شبعا.. حرب غير مُعلنة على جغرافية الأرض، ومحو التاريخ وطمس الهوية - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

إشكالية هوية لبنانية مزارع شبعا.. حرب غير مُعلنة على جغرافية الأرض، ومحو التاريخ وطمس الهوية

07/03/2025 - 14:38 PM

Prestige Jewelry

 

 

إشكالية هوية لبنانية مزارع شبعا.. فرض القوة بالإستيلاء والسيطرة على القمم ومنابع المياه

 

جنوب لبنان - تحقيق ادوار العشي

 

مزارع شبعا بلسان معمريها، أرض الأجداد الذكريات، مرتع الطفولة الممتزجة برائحة  التراب، وعبق التاريخ. هي حرب غير مُعلنة، على جغرافية الأرض،  والتاريخ والهوية. المؤامرات منذ القديم وحتى اليوم، تستهدف سلب حق أهل شبعا  في أرضهم.

الخرائط والمخططات، تسعى إلى  طمس هوية المزارع  وتراث الأجداد. مزارع شبعا ليست مجرد أرض لبنانية زاخرة بالخيرات، إنها قضية وطنية وإنسانية، وذاكرة لبنانية لن يمحوها الزمن مهما تقادم.

وفي إطار ما يحدث، والصخب الذي أثير في خلال اليومين الماضيين، حول الهوية والملكية، إستغربت "هيئة أبناء العرقوب"، بشخص رئيسها الدكتور محمد حمدان، "إصرار السيد وليد جنبلاط على عدم لبنانية مزارع شبعا، للمرة الثانية، منذ مطلع هذا العام، على الرغم من الإيضاحات والوثائق التي تحدثنا عنها، وأرسلناها له ولغيره، أكثر من مرة".

وتابعت: "كذلك يتبرع بعض القوى والأطراف السياسية والحزبية، وبعض المحللين والكتاب، بالتنازل عن السيادة الوطنية، عبر منح مزارع شبعا لغير أهلها وأصحابها، على الرغم من علمهم المؤكد بلبنانية المزارع، من خلال سندات الملكية المسجلة في الدوائر العقارية اللبنانية في صيدا، بأسماء أصحابها أبناء شبعا".

أضافت: "على الرغم من وجود عشرات المراسلات الرسمية بين لبنان وسوريا، منذ مطلع أربعينيات القرن الماضي، التي تؤكد لبنانية المزارع، ومحاضر اللجان العقارية المشتركة، والوثائق التي تثبت لبنانية المزارع".

وأكدت "هيئة أبناء العرقوب"، أن "التصريحات المفاجئة والمقابلات، والكتابات التي تتحرك في نفس التوقيت، تثير لدينا الشكوك والمخاوف على مصير أرضنا ومزارعنا، التي ناضلنا عشرات السنين من أجل إثبات حقنا فيها، والعمل على تحريرها، واستعادتها إلى كنف السيادة اللبنانية".

وأشارت الهيئة، الى "أننا في "هيئة أبناء العرقوب"، نحذِّر من أيّ محاولات للتخلّي عن حقوقنا وأرضنا في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، نؤكد أن هذه الأرض، كانت وستبقى لبنانية، مهما حاول البعض التخلي عنها".

وطالبت الهيئة كل من "رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بإصدار موقف حاسم وحازم تجاه هذه الأرض وأهلها، وتحديد الموقف الرسمي من هذه القضية، واعتبار أيّ موقف فيه تخلّي عن جزء من الأرض والسيادة الوطنية اللبنانية، يرقى إلى مستوى الخيانة العظمى، ومن يريد التبرع بأرض للغير، فليتبرع بأملاكه الخاصة، وليس بأملاك أبناء شبعا والعرقوب، الذين تعمدت أرضهم بدماء أهلها وأبنائها، دفاعًا عنها عبر السنين الطويلة".

وكتب رئيس هيئة أبناء العرقوب محمد حمدان في منشور على منصة "اكس"، موجهاً رسالة إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أكد فيها أن جميع المتحاورين إتفقوا على لبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وأكدوا دعمهم للحكومة في تثبيت هذه اللبننة وتحديدها وفق الأصول المعتمدة.

وأوضح حمدان أن هذا التثبيت لا يشكك في لبنانية المزارع، ولا علاقة له بالقرار 242، بل هو في صلب القرارين 425 و1701، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة، لم تكن لتذكر مزارع شبعا في نص القرار 1701 مرتين، لو كانت هناك شكوك حول لبنانيتها.

أضاف، إن تثبيت لبنانية المزارع، وترسيم الحدود السابقة المعتمدة لدى الأمم المتحدة، لا يعني التشكيك بلبنانيتها، مشدداً على أن الإعتراف السوري غير ضروري، لأن لدى اللبنانيين كافة الإثباتات والوثائق التي تؤكد ملكيتهم، ولا يوجد مستند واحد يثبت ملكية أي جزء من مزارع شبعا، لأي طرف آخر غير أبناء شبعا المسجلين في الدوائر العقارية اللبنانية في صيدا.

وتطرق حمدان إلى تقصير السلطة الرسمية في متابعة ملف مزارع شبعا، مؤكداً أن السيد وليد جنبلاط، يُعّد شريكاً أساسياً في هذا التقصير، كونه كان عضواً في الحكومات المتعاقبة منذ عام 2006 وحتى اليوم، والتي لم تحرك الملف الوطني بالشكل المطلوب.

وختم رئيس "هيئة أبناء العرقوب"  الدكتور محمد حمدان ": جنبلاط ما بعرف شو بيقنعه، كان جزءاً من طاولة الحوار الوطني عام 2006، وصدر عن هيئة الحوار بالاجماع قرار بأن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هي أراضي لبنانية محتلة، ويجب تحريرها.

وردّاً على تصريح رئيس "هيئة أبناء العرقوب" الدكتور محمد حمدان، الذي شنّ هجومًا عليه، منتقدًا موقفه من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وذكّره بأنه كان جزءًا من طاولة الحوارالوطني عام 2006، التي أقرّت بالإجماع، لبنانية هذه الأراضي (مزارع شبعا وتلال كفرشوبا)، وضرورة تحريرها، غرّد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي السابق وليد جنبلاط، عبر حسابه على منصة "اكس"، وقال: "نعم، كنت جزءاً من هيئة الحوار في العام 2006، وقد تمّ التوافق آنذاك، على أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا تُعتبر أراضٍ لبنانية، ولكن بعد إجراء الترسيم مع الدولة السورية، ومراجعة الأمم المتحدة بهذا الخصوص، وكون الترسيم او التحديد لم يحصل حتى الآن، فإن هذه المناطق تبقى خاضعة للقرار الدولي 242، الذي لا يشمل لبنان".

وتوجّه إلى الدكتور محمد حمدان بالقول: "هذا هو النص الذي اتفقنا عليه بالإجماع في هيئة الحوار آنذاك، وهو واضح في ما يتعلق بالتحديد، وفق الإجراءات والأصول المعتمدة والمقبولة لدى الأمم المتحدة. ويمكن مراجعة الأرشيف في المجلس النيابي للتأكد من ذلك".

مزارع شبعا.. أصل الحكاية..

بدأ الخلاف حول هوية مزارع شبعا، مع ترسيم الخط الأزرق فى 24مايو من العام 2000، بعدما انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان، لكن لبنان رأى أن انسحاب إسرائيل غير كامل، وأن مزارع شبعا جزء من الأراضى اللبنانية، وعلى القوات الإسرائيلية الإنسحاب منها كباقى الأراضى بالجنوب، لكن إسرائيل رفضت وبررت عدم انسحابها من المزارع بأنها سورية، بحسب قرارات الأمم المتحدة، فتحفظ لبنان على هذه النقطة، وقدم 50 وثيقة تثبت لبنانيتها.

أما أصل الغموض بشأن المزارع، فهو سابق للإحتلال الإسرائيلي؛ ففى الإحصاء السكانى الذى نشرته سوريا فى 1960، ترد قائمة تضم 12 مزرعة منها مع عدد سكانها، كأنها بلدات سورية.

رغم أن صكوك الدولة العثمانية تؤكد، إنتساب المزارع لقضاء حاصبيا جنوب لبنان. وفى عام 1920 ذكر قرار الجنرال غورو، أن حدود لبنان هى حدود قضاءي حاصبيا ومرجعيون.

وفى عام 1946، أعيدت عملية ترسيم الحدود الرسمية، وتم تثبيتها بمحاضر، وأرسلت كوثيقة إلى الأمم المتحدة، وعند قيام دولة إسرائيل عام 1948، لم يتم استقطاع أي من الأراضى اللبنانية، كما يوضح خط "بوليه نيو كومب"، الذى رسم فى 7أبريل1923، ووقعت عليه عصبة الأمم، والوثيقة موجودة فى جنيف.

وبعد تشكيل القيادة العربية المتحدة، وتوقيع معاهدة الدفاع العربية العام 1950، تمركز الجيش السورى فى المزارع، وبدأت إعتداءاته على الأراضى هناك، بحجة المعاهدة، أيضاً ومنع التهريب، ووفق كتاب رئيس وزراء لبنان الأسبق الراحل سامى الصلح "لبنان: العبث السياسى والمصير المجهول"، الذى أوضح فيه أن تدهور العلاقات اللبنانية – السورية، إستمر بين عامى 1956 - 1958، نتجت عنه بعض المشاكل الحدودية، عندما أقدمت السلطات السورية على إقامة مخفر للدرك السوري في مزرعة زبدين، بحجة منع التهريب، أيضاً لأنه كان يمّد الثوار بالسلاح والذخيرة والمدفعية، ضد الرئيس كميل شمعون، ومن بينهم الحزب الإشتراكي ورئيسه الراحل كمال جنبلاط. ولا يزل كبار السن في مناطق مرجعيون – حاصبيا، والعرقوب، يستذكرون ذلك الجندي السوري المقيت  قصير القامة "علي الوحش"، الذي أرعب المنطقة، وارتكب مجازر عدة  في الجنوب اللبناني، حين كان يشن هجمات في الليالي على القوميين السوريين وهم نيام، لأنهم حاربوا إلى جانب الرئيس شمعون، ويقوم بالتنكيل بهم وإعدامهم. وله شارع باسمه، "شارع علي الوحش في مخيم اليرموك، لفظاعة الجرائم وصنوف التعذيب التي ارتكبها.

وبعد حرب الأيام الستة في 6 حزيران 1967، بدأت إسرائيل باستقطاع الأراضى وطرد الأهالى حتى العام 1969،  حيث شقت طرقات صعوداً من مغر شبعا، وأقامت مواقع عسكرية، وأحاطتها بأسلاك شائكة.

لم تستطع الأمم المتحدة العام 2000، من رسم خط لارسن الأزرق، في قرية الغجر المحتلة، إذ منعها الأهالي وهم سوريون علويون، من القيام بذلك، فقاموا برسم الخط من الجو عبر مروحية دولية، حيث شطر الخط الأزرق القرية إلى نصفين، من محيط المطحنة على نهر الوزاني غربا، مروراً في وسط القرية بالقرب من المدرسة الإبتدائية، وامتد من هناك صعوداً بخطٍ متعرج حتى المزارع المحتلة، شمال غرب "رويسة السماق" امتداداً إلى شمال "رويسات العلم" أو (جبل روس) حسب التسمية الإسرائيلية، المشرف على بلدة كفرشوبا وكامل منطقة العرقوب، ولم يتم أبداً رسم خط أزرق في المزارع المحتلة، بعكس ما يدعي البعض، الذين لا يعرفون طبيعة الأرض وتضاريسها.

وتعترف سوريا بمساحة 25 كلم2 تقريباً للبنان، من مجمل  مساحة مزارع شبعا اللبنانية، البالغة 225 كلم2، حيث لم تفرض الأمم المتحدة على إسرائيل حتى اليوم الإنسحاب منها، لاعتبارها جزءاً من سوريا الخاضع لسيطرة إسرائيلية، بحسب إتفاقية فض الإشتباك بين سوريا وإسرائيل العام 1974. فالنطاق الجغرافي لمنطقة مزارع شبعا غير محدود بدقة. مع ذلك يمكن القول إنها تمتد طولاً بحدود 24 كم، ويتراوح عرضها بين 13 و14 كم. تقع المنطقة على منحدرات وتلال، وبعض السهول والهضاب، وتتدرج من علو 1600 متر عن سطح البحر، كمزرعة برختا وصولاً إلى مزرعة المعز التي تنخفض لتوزاى مستوى سطح البحر، لتلامس سهل الحولة. وتسيطر إسرائيل حالياً على 12 مزرعة مهجورة، تقع بين "رويسة السماقة"، و"رويسات العلم" شمالاً، ووادي لالعسل جنوباً، وهو الحد الفاصل بين مزارع شبعا اللبنانية، وهضبة الجولان السوري المحتل.

هذا الكلام، في ما خص مساحة مزارع شبعا وهويتها، قاله الرئيس السوري السابق بشار الأسد، في خطابٍ ألقاه بافتتاح مؤتمر إتحاد المحامين العرب في مجلس الشعب بدمشق، بتارخ 22 كانون الثاني 2006، وخصص مساحة كبيرة من خطابه ليقولإ إنهم في لبنان يتحدثون أن مساحة مزارع شبعا تفوق الـ 200 كلم2، بينما هي في الواقع لا تتخطى مساحة هذه القاعة، أي 25 كلم2، معتبراً ن مطلب الحكومة اللبنانية ترسيم الحدود في مزارع شبعا، "طلب إسرائيلي"، ومعتبرا أن هذا الطلب موجه ضد المقاومة، مؤكداً بالتالي أن سيادة بلاده هي العليا، وليست قرارات مجلس الأمن. 

وفي مقابل رفع العقوبات عن دمشق، طرحت واشنطن عدداً من المطالب، من بينها حسم قضية مزارع شبعا. ويستعرض الدبلوماسي الأميركي والسفير السابق فريدريك هوف، أصل هذا النزاع، وعلاقته بالمواجهة المستمرة بين إسرائيل وحزب الله. ويكشف كواليس طرح مسألة السيادة على مزارع شبعا، حيث أبلغه الأسد حينها، بأن مزارع شبعا سورية وليست لبنانية، مهما ادّعى حزب الله، معبراً أن المقاومة هناك غير مجدية، وذلك خلال وساطته السرية، لعقد اتفاق سلام بين سوريا وإسرائيل عام 2011.

ولعل أبرز ما يدلل على إستراتيجية المزارع، هو العدد الكبير من المراصد العسكرية الإسرائيلية منذ العام 1967 حتى الآن، أبرزها مرصد الفوار الذي يعد أضخم المراصد العسكرية بمنطقة الشرق الأوسط. وتشرف المزارع على جبل عامل والجليل الأعلى، والجزء الجنوبي من سلسلة جبال لبنان الغربية، وهضبة الجولان، وسهول البقاع وحوران، وسهل الحولة حتى بحيرة طبرية.

ومع إطلاق حرية العمل الفدائي الفلسطيني من أراضي العرقوب، ثم  انتشار المقاومة الفلسطينية وتمركزها في قرى المنطقة عام 1968، ثم بموجب إتفاق القاهرة في 3 تشرين  الثاني عام 1969، الذي شرّع العمل الفدائي، في منطقة العرقوب شرق الحاصباني، التي أُطلق عليها تسمية "فتح لاند"، حيث أعطت ذريعة للقوات الإسرائيلية بالإحتلال، حيث بدأت بالإستيلاء على مزارع شبعا، كما إقتطعت مساحات واسعة من أراضي كفرشوبا، وهجرت أهاليها حتى وصلت إلى قمم جبل الشيخ (قصر شبيب 2814م)، فأقامت مراصد عسكرية (مثلاً في قمة الزلقا على إرتفاع 2969م) ومراكز أمنية ودفاعات ومنعت الأهالي من العودة إلى مزارعهم.

وتضم مزارع شبعا أكثر من 15 مزرعة، تتوزع في منطقة هضاب وأودية، من مغر شبعا (300م) في الجنوب، ثم خلة غزالة (600م)، مزرعة فشكول (650م)، مزرعة قفوة (850م)، ومزرعة زبدين (900م)، والرمثا (1000م)، ثم مزرعة برختا (1200م)، مراح الملول، كفر دورة، بيت البراق، الرّبعة، زبدين، جورة العقارب، مغر شبعا، مقاصر الدود، حيث أقامت إسرائيل في عام 1971، منتجعاً سياحياً ومركزاً هاماً لرياضة التزلج، فيما كان يسافر الإسرئيلون، قبل احتلال جبل الشيخ، إلى غشتاد بسويسرا، وجبال الألب البافارية في المانيا، لممارسة هواية التزلج. ومزرعة بسطرا المحررة، وهي تحوي أراضي زراعية واسعة، خصوصاً في "ضهر البيدر"، و"مشهد الطير"، وهو يمثل مقام النبي إبراهيم عليه السلام. وفي آب 1967، أحرقت قوات الإحتلال الحقول والبساتين، وأجزاء واسعة من الغابات، ودمرت مقام "مشهد الطير".

وكانت تسكنها أكثر من 1000 عائلة، وبلغ عدد المنازل فيها 1200، وُقُدر عدد سكانها آنذاك، بحوالى 15 الف نسمة، وهي تشكل امتداداً طبيعياً للقرى المنتشرة في إقليم العرقوب، وذلك إبتداءً من بدة شبعا الواقعة على إرتفاع نحو 1600 متراً، تليها كفرشوبا 1400م،  وكفر حمام، ثم مزارع حلتا، الدحيرجات، خربة الدوير، المجيدية، والوزاني.

وتُعتبرالمزارع، إمتداداً طبيعياً لخزان المياه الجوفية في المثلث اللبناني- السوري- الفلسطيني، ويصلح القسم الشمالي منها لناحية السفح الغربي لجبل الشيخ للتزلج (أقامت إسرائيل في عام 1971 ، مركزاً للتزلج في مزرعة مقاصر الدود). ويؤكد أبناء شبعا، أن ترسيم الحدود العام 1923، لم يشمل المزارع، بإعتبار أنها تقع في الجهة الشرقية بين لبنان وسوريا، أي ضمن خط الإنتداب الفرنسي، وبالتالي لم تشملها إتفاقية "بوليه نيوكومب"، التي رسمت حدوداً بين خطي الإنتداب الفرنسي والإنكليزي (بين لبنان وفلسطين وبين سوريا وفلسطين)، لكن تمَّ استدراك الأمر في الأربعينيات، وتكرس ذلك في إتفاقية الهدنة العام 1949، وكذلك في سلسلة إتفاقيات لبنانية سورية التي وضعت لاحقاً.

وبشأن الإلتباس حول هوية المزارع، جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي صدر في 22 حزيران عام 2000، الآتي: "في 15 أيار 2000، تلقت الأمم المتحدة خريطة مؤرخة عام 1966، من حكومة لبنان تعكس موقف الحكومة بأن هذه المزارع كانت واقعة داخل لبنان. غير أن في حوزة الأمم المتحدة 10 خرائط أخرى أصدرتها، بعد عام 1996، مؤسسات حكومية لبنانية، منها وزارة الدفاع والجيش، وجميعها تضع المزارع داخل الجمهورية العربية السورية. وقد قامت الأمم المتحدة أيضا بدراسة ست خرائط أصدرتها الحكومة السورية، منها ثلاث خرائط تعود إلى عام 1966، تضع المزارع داخل سوريا".

وفي قرار مجلس الأمن الدولي 1701، الذي صدر في آب عام 2006، والذي انتهت من خلاله الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان، ووقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله، دعا مجلس الأمن كلاً من إسرائيل ولبنان، إلى احترام الخط الأزرق الذي تمّ ترسيمه في أيار عام 2000.

بتاريخ 12 أيلول 2006 أكدّ أمين عام الامم المتحدة في تقريره حول تطبيق القرار 1701، أن حل قضية مزارع شبعا تلزم التوصل إلى اتفاق لبناني - سوري بشأن ترسيم الحدود الدولي بينهما، ولاحقاً وفِي تقرير آخر في تشرين الأول عام 2007، أعلن أنه عيَّن خبيراً خاصاً برسم الخرائط، لدرس قضية النطاق الجغرافي لمنطقة مزارع شبعا، وأن هذا الخبير قد وصل إلى النتائج الأولية التالية: تبدأ مزارع شبعا من النقطة الفاصلة للخط الفرنسي لعام 1920، الواقع جنوب قرية المجيدية مباشرة، وتمتد من هناك نحو الجنوب الشرقي، على طول حدود عام 1946 لمغر شبعا، إلى أن تصل إلى محور وادي العسل، ومن هناك تتبع محور الوادي نحو الشمال الشرقي إلى أن تصل إلى قمة الجبل الواقع شمال مزرعة برعشيت السابقة، وتتصل بخط عام 1920. 

وذكر الأمين العام في هذا التقرير، أن لبنان قدَّم له ملفاً من الخرائط والوثائق، لإثبات مطالبتها بمنطقة مزارع شبعا، ردّاً على طلبه بذلك، وأن إسرائيل وافقت على تمكين رسام الخرائط من زيارة المنطقة، وقد قام رسام الخرائط بزيارتها في 5 أيلول 2007. أما سوريا فلم تردّ على طلب الأمين العام، بتقديم معلومات عن هذا الموضوع حتى اليوم.

أما بالنسبة لما يُثار بشكل دائم عن عدم وجود إعتراف سوري بلبنانية المزارع، يلفت المؤرخ المختص بشؤون الحدود  الدكتورعصام خليفة، إلى الخلاف الذي حصل، في حزيران 1934، بين أهالي قرية جباتا الزيت السورية وأهالي بلدة شبعا، حيث يوضح أنه تمَّ الإتفاق بين الجميع، على إقرار وثيقتين، أقرت فيهما الدولتين، بموافقة سلطة الإنتداب، بأن يكون وادي العسل هو الخط الحدودي الفاصل بين المزارع وسوريا. ويوضح أنه في تشرين الثاني1937 ، أرسل المستشار الإداري الفرنسي للبنان الجنوبي بيار بارت، إلى رئيس مركز القنيطرة في سوريا تقريراً، أكّد فيه أنّ الحدود الواقعيّة، مرفقة بخريطة وضعها بارت، وفيها تأكيد أن جميع المزارع، باستثناء مغر شبعا، مع قرية النخيلة لبنانية.

بالإضافة إلى ذلك، يلفت الدكتور خليفة إلى إتفاق حصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية، في العام 1946، بعد أن بعث مختار شبعا خالد الخطيب، في شباط 1944، برسالة إلى رئيس الجمهورية بشارة الخوري، يحتج فيها على قيام المسّاحِين السوريين، بمحاولة ضم قسم كبير من الأراضي اللبنانية، موضحاً أنه في آذار 1946 تم تكليف القاضي اللبناني رفيق الغزاوي، يساعده المهندس جوزف أبي راشد، والقاضي السوري عدنان الخطيب، يساعده المهندس رشان المارستاني، في إطار لجنة مشتركة، للقيام بتحديد نهائي للحدود، وفي 27 من الشهر نفسه تم َّالتوصل إلى إتفاق على ترسيم الحدود بين مزارع شبعا ومغر شبعا.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment