أجواء من التفاؤل الحذر بالتزامن مع زيارة برّاك الى لبنان
مصادر نيابية أكدت لـ "بيروت تايمز"
أن الرئيس نبيه بري أدّى دورًا مهما في المحادثات لذلك قال الموفد الأميركي توم برّاك عنه: عندما نتعامل مع محترف تصبح الأمور أسهل…
مصادر دبلوماسية لـ "بيروت تايمز "
الأميركيون كانوا على مقربة من الاتصالات، وفي أجواء ما يجري من مداولات وطروحات خلالها حيث كانوا يتابعونها لحظة بلحظة….
بيروت - بيروت تايمز - تحقيق منى حسن
خالف الموفد الأميركي توم برّاك كلّ الأجواء السّابقة لزيارته إلى بيروت، وضخ في أجواء البلد تفاؤلًا وإيجابيات. لكن مصادر سياسية بارزة قالت لمراسلة بيروت تايمز إن اللغة الإيجابية التي تحدّث بها لا تعني بالضرورة فترة استقرار وعدم وجود مخاطر، فالهدف الأميركي لم يتغيّر وكذلك المطالب الأميركية، إنما ما فعله برّاك أنه قدّمه بشكل هادئ لا يُشبه الجو التصعيدي الداخلي".
اما الرّد اللبناني على الورقة الأميركية فجاء تحت إطار "أفكار لبنانية لحل شامل" وسلّمها رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى الموفد الأميركي خلال الاجتماع معه. وجاءت تحت إطار "أفكار لبنانية لحل شامل" سلّمها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى الموفد الأميركي خلال الاجتماع معه في القصر الجمهوري في بعبدا، ونجح لبنان بشراء الوقت في ظل ليونة أميركيّة ولا ضمانات….
الرئيس عون والمفاوضات
مصادر رئاسية اشارت لـ "بيروت تايمز "ان الرئيس اللبناني جوزاف عون مارس صلاحيّاته الدستوريّة والسياسيّة في المفاوضات… وكسب شهادة الموفد الأميركي، لذلك حرص براك بعد لقائه الرئيس عون على الأعراب عن “أمله الكبير” مما يقوم به رئيس الجمهورية من خطوات، ما يعكس اولا احترام الإدارة الاميركية عبر موفدها للطريقة التي يعتمدها وادائه تجاه التعامل مع كل ما يتعلق باتفاق وقف النار والقرار 1701 والوضع بصورة عامة.. فمن سمع السفير براك في قصر بعبدا، يدرك ويتأكد ان الانتقادات التي توجه إلى رئيس الجمهورية منذ فترة وبين الحين والآخر من قبل قلة من السياسيين والناشطين، هي فبركات لبنانية واجتهادات من صناعة محلية، تندرج في اطار التشويش على أداء ودور الرئيس عون….
إشادة الموفد الأميركي بالرد اللبناني
مصادر رسمية متابعة قالت لمراسلة "بيروت تايمز" إن "إشادة الموفد الأميركي بالرد اللبناني واعتباره بالمدروس والمتوازن، وقوله إنه سيعمد إلى دراسة متأنية له، وإنه سوف يرسل ملاحظاته عبر السِّفَارة الأميركية في بيروت خلال أيام. على أن يعود إلى بيروت خلال أسبوعين إذا ما سارت الأمور كما هو مرسوم لها. يعني أن لبنان أمام مرحلة جديدة من الدبلوماسية التي قد تضع آلية تنفيذ جديدة أو معدّلة لقرار وقف إطلاق النار".
وأضافت المصادر: "لقد كان لافتاً قول الموفد الأميركي في تصريحه إن اتفاق تشرين الثاني الذي أوقف إطلاق النار لم يكن فيه ضامن أميركي، متحدثاً عن فشل في آلياته (الميكانيزم)، وأنه عمل على سد الثغرات فيه، وهذا ما أشار إليه لاحقاً رئيس الحكومة نواف سلام الذي قال إن الموفد الأميركي حمل معه ترتيبات لوقف الأعمال العدائية",
المسار التفاوضي
اشارت مصادر دبلوماسية عربية لـ "بيروت تايمز" ان ثمة مسار تفاوضي جديد قد يفضي إلى اتفاق واسع جديد مثلّث الأضلع في الجوانب المتصلة بالوضع الحدودي ومن ضمنه سلاح حزب الله… خصوصا وان برّاك أراد في طيات كلامه إظهار رسالة اطمئنان نحو الشيعة الذين يخشون عدم الحصول على تعهدات لعدم عودة مسلسل الحرب “الإسرائيلية”.
الرئيس نبيه بري والدور الكبير
مصادر نيابية أكدت لـ بيروت تايمز أن الرئيس نبيه بري أدّى دورًا محوريًا في التنسيق بين الدولة اللبنانية وحزب الله، خصوصًا في ظل التوترات الإقليمية والضغوط الدولية المتزايدة.
في تصريحاته الأخيرة، شدد بري على أن التواصل مع حزب الله قائم، وأنه سبق أن توصل إلى تفاهمات حول المبادرات المطروحة، لا سيما تلك المتعلقة بوقف إطلاق النار وتطبيق القرار الدُّوَليّ 1701. هذا النوع من التفاهمات يعكس قدرة بري على لعب دور الوسيط السياسي الذي يجمع بين الواقعية والمرونة، وهو ما دفع برّاك إلى وصفه بـ"المحترف" الذي يُسهّل الأمور عند التعامل معه.
اللافت أن بري، رغم تحالفه التاريخي مع حزب الله، يتّبع ما يُعرف بـ"الدبلوماسية الصامتة"، حيث يفضل المناورة خلف الكواليس بدلًا من التصريحات العلنية، حفاظًا على التوازن الداخلي في الساحة الشيعية وعلى هامش تفاوضي واسع.
الأميركيون والمفاوضات
الأميركيون كانوا على مقربة من الاتصالات، وفي أجواء ما يجري من مداولات وطروحات خلالها حيث كانوا يتابعونها لحظة بلحظة، وعكسوا الرضى عن الجدّية التي تقاربت فيها ورقة برّاك من قبل كل الأطراف.
مصادر لبنانية شاركت بحركة الاتصالات قالت لمراسلة بيروت تايمز إنّ أجواء المباحثات مع الموفد الأميركي اتسمت بإيجابية كبيرة، تبدّت بصورة واضحة في المقاربات والطروحات التي أبداها، وكذلك في الليونة الصريحة التي قارب فيها الملاحظات التي تضمّنها الردّ اللبناني.
إلّا أنّ هذه الإيجابية التي تبدّت في الجانب اللبناني، لا تعني نهاية المطاف، بل يمكن القول إننا قطعنا نصف الطريق، وأما في النصف الآخر، فإنّ مصير هذه الإيجابية مرهون بالتقييم الأميركي النهائي للردّ اللبناني الذي قدّم أقصى ما يمكن تقديمه، والذي سيبلّغ إلى لبنان بصورة رسمية في القريب العاجل، وفق ما أشار رئيس الوفد الأميركي، وفيه سيتحدّد بالتأكيد ما إذا كانت هذه الإيجابية قابلة للترجمة على الواقع، وبالتالي تولّي الولايات المتحدة الأميركية تسويقها مع الجانب الإسرائيلي، أو عكس ذلك تماماً. بما يعيد الامور إلى الوراء، وهذا بالتأكيد ليس بالأمر المحمود"...
والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا بعد تسلُّم الموفد الاميركي الى لبنان وسوريا توم براك الردّ اللبناني على ورقة المقترحات الاميركية التي تتوزع على 6 ورقات فولسكاب، بـ7 ورقات، تتضمن الردّ التفصيلي مع إبداء اقتراحات وأفكار وملاحظات تتعلق بكيفية الانسحاب الاسرائيلي، وملاقاته بخطوات عملية في ما يتعلق بالسلاح العائد لحزب الله شمال منطقة الليطاني، بعدما انتهى أمر سلاح حزب الله جنوب النهر، باعتراف اميركي واسرائيلي وأممي، فضلاً عن تقارير الجيش اللبناني والقوى العسكرية والامنية اللبنانية.
ليونة براك
بعد ان خيب المبعوث الاميركي توم برّاك آمال "أعداء" لبنان بعدما أبدي ليونة مفاجأة خالفت توقعاتهم، حيال الرد اللبناني على "الورقة" الاميركية، ليتبين ان التهويل، المتزامن مع تصعيد ميداني "إسرائيلي"، جزء منه حرب نفسية خاضها سياسيون ووسائل إعلام مدفوعة برغبات أفليمية، لمحاولة إضعاف الموقف الرسمي اللبناني المنسق مع المقاومة في هذه المرحلة الدقيقة، ما دفع رئيس الحكومة نواف سلام الى الخروج عن صمته، للرد على الحملة السياسية التي يقودها رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي ترك استياء كبيرًا في بعبدا "والسراي"، فيما "صوفته حمراء" في "عين التينة".
هذه الليونة الاميركية تسمح "بشراء الوقت" دون ضمانات حيال النيات "الاسرائيلية". فهذا التفهم الاميركي لوحدة الموقف الرسمي اللبناني، اراح الأجواء الداخلية المضغوطة بعد ساعات من "حبس الأنفاس"، الا انه يطرح أكثر من علامة استفهام، والكثير من الأسئلة، فهل تغيير اللهجة يعني تغيير النوايا؟ وهل الموافقة المبدئية الاميركية على ترتيب لبنان للأولويات، سينعكس نقاشًا جديا يتزامن مع وقف الاعتداءات والانسحاب "الاسرائيلي"، ام العكس؟ ماذا عن سقوط المهل الزمنية الضاغطة؟ فهل هي مفتوحة ام الجدولة ستكون محدودة زمنيًا؟ ماذا عن "نعي" برّاك للجنة مراقبة وقف النار؟ هل ثمة رغبة بالبحث عن اطار متابعة جديد؟ او تهرّب من المسؤولية عن اي تمادي "إسرائيلي" بالاعتداءات؟ وماذا يعني أميركيا "رمي الكرة" في الملعب اللبناني؟
كلها أسئلة ستتم الأيام المقبلة الإجابة عليها.
Comments