bah جعجع يكسر الخطوط الحمراء: ردّ لبنان على واشنطن يشعل جبهة السلاح - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

جعجع يكسر الخطوط الحمراء: ردّ لبنان على واشنطن يشعل جبهة السلاح

07/09/2025 - 14:29 PM

بيروت

 

 

 

بيروت - بيروت تايمز - تحليل سياسي - اخباري من اعداد الاعلامي جورج ديب

 

في توقيتٍ بالغ الحساسية، فجّر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع موقفًا صادمًا حيال الورقة الأميركية المتعلقة بنزع سلاح "حزب الله"، واصفًا الرد اللبناني الرسمي بأنه "غير دستوري وغير قانوني"، لعدم عرضه على مجلس الوزراء، الأمر الذي فتح معركة شرعية في قلب السلطة.

وفي خطوة لا تخلو من جرأة استراتيجية، قلب سمير جعجع الطاولة على السردية الرسمية بشأن الورقة الأميركية. لم يكن ردّه مجرد اعتراض قانوني بل تحوّل إلى استعراض ميداني للتموضع السياسي الجديد الذي تسعى إليه "القوات اللبنانية". خلال لقائه مع الموفد الأميركي توم براك، بدا جعجع وكأنه يعيد صياغة الأولويات الوطنية: لا حكومة فاعلة من دون حسم مِلَفّ السلاح، ولا شرعية دستورية من دون مساءلة النهج الذي يساوي بين التنظيم المسلح والدولة.

في خلفية هذا الموقف، تتبلور معالم تغيير في قواعد اللعبة السياسية، حيث تجاوزت "القوات" خانة الاعتراض التقليدي لتتبنّى خطابًا سياديًا واضحًا يضع السلاح غير الشرعي في قلب الأزمة اللبنانية. ومما لا شك فيه، أن تلويح جعجع بعدم القبول بالصيغة المطروحة يحمل بين طيّاته تحذيرًا مبطنًا من انزلاق التسوية إلى تسويات... لا تبني دولة، بل تؤبد أعطابها.

 

نواف سلام يردّ... بالدستور والرمزية

بهدوءٍ مدروس، خرج رئيس الحكومة نواف سلام ليردّ على التصعيد من دون أن يسميه، مؤكدًا أن التفاوض مع واشنطن يسير ضمن الأطر الدستورية، نافيًا وجود "ترويكا" تتحكم بالقرار. في ظاهر التصريح محاولة لطمأنة الداخل والخارج، لكن ما بين السطور تبدو لغة الحذر أقوى من لغة الحسم. فهل أراد سلام أن يحتفظ بهامش المناورة، أم أن تفادي الاشتباك مع القوات اللبنانية هو خِيار تكتيكي لتجنّب تفجّر الحكومة من الداخل؟ في بلدٍ تجيد فيه السلطة فن السير على حافَة الهاوية، يبدو أن الصمت أحيانًا أبلغ من الكلام.

 

القوات اللبنانية تلوّح بالانسحاب... والبيان الوزاري على حافَة الاختبار

في ذروة التصعيد، خرج النائب جورج عقيص ليعلن بوضوح أن "القوات" لم تعد تحتمل المراوحة داخل الحكومة، ملوّحًا بالخروج إذا لم تُترجم الشعارات الوزارية إلى إجراءات فعلية بشأن مِلَفّ السلاح. وبنبرة حاسمة، قال إن حزبه "لن يكون شاهد زور في مسرح اللامسؤولية"، مرسلًا رسالة تحذير مبطّنة: إما التنفيذ... أو الافتراق. فهل تحوّلت المشاركة السياسية إلى اختبار أعصاب؟ أم أن "القوات" قرّرت أن تكسر المحرّمات وتفتح باب إعادة التموضع داخل السلطة​

 

التحالفات على المحك… صداقة الحكم لا تكفي لتبديد الخلاف

ما يجعل المشهد أكثر تعقيدًا هو أن التصعيد الأخير ينطلق من فريق كان، حتى الأمس القريب، أحد أبرز رعاة تولي نواف سلام رئاسة الحكومة. هذه المفارقة تُسقط فرضية الانسجام السياسي بين شركاء الحكم، وتكشف عن هشاشة التفاهمات الظرفية التي غالبًا ما تتآكل أمام الملفات السيادية. فهل باتت "القوات اللبنانية" تفكر بجدّية في قلب الطاولة؟ أم أن ما نشهده هو مجرد ضغط تفاوضي لانتزاع تنازلات داخلية؟

في بلدٍ تتحكم به توازنات دقيقة ورهانات إقليمية متبدّلة، لا تبدو أي عِلاقة سياسية بمنأى عن الانفجار، ولا يبدو أي تحالف محصّنًا أمام زلزال السلاح. فهل نحن أمام مرحلة إعادة رسم للخريطة السياسية؟ أم أمام لحظة اختبار لأعصاب الشركاء في السلطة؟

 

جعجع يتحدّى الدولة... والرسائل تتكاثر

- إطلاق حملة لإلغاء المادة 112 الانتخابية رفضًا لما وصفه بـ"تهميش المغتربين".

- انتقاد الحُوَار غير المجدي بين رئيس الجمهورية و حزب الله، متهمًا الدولة بالتحوّل إلى وسيط سلبي.

- دعوة لعقد جِلسة وزارية علنية، وإصدار موقف رسمي واضح بشأن الورقة الأميركية.

- التحذير من إحياء "الترويكا" بوصفها انحرافًا عن الدستور وتعطيلًا للمؤسسات.

 

سلاح حزب الله يختصر الأزمة... والتاريخ يكتب بهدوءٍ متوتر

في مواجهة ارتفاع نبرة "القوات اللبنانية"، آثر "حزب الله" التزام الصمت الرسمي، وكأنّه يقول كل شيء من دون أن يتكلم. ولكن بين جدران السياسة، الهمس قد يكون أعلى من التصريحات. فمن اعتبروا أن جعجع "ملكي أكثر من الملك" لا يردّون على التفاصيل، بل على جوهر التصعيد: إعادة طرح معضلة السلاح بلغة حازمة لا تُهادن.

في هذه اللحظة الفارقة، يقف الشارع اللبناني على أطراف الانفجار: هل نحن أمام زلزال سياسي يعصف بتركيبة الحكم؟ أم أن المناورة ما زالت في طور جسّ النبض؟ لا أحد يملك إجابة نهائية، لكن المؤكد أن قضية السلاح لم تعد ملفًا تفاوضيًا فقط، بل غدت اختبارًا لجوهر الدولة، ومرآةً لهويتها المتنازعة بين منطق السيادة ومنطق التوازنات.

فإذا كان السجال الدستوري هو الغلاف، فإن مضمون الصراع يكمن في نظرة كل طرف إلى معنى الدولة: هل هي امتلاك السلاح تحت عباءة "المقاومة"؟ أم هي احتكار الشرعية ضمن مؤسسات تحكم ولا تُحكم؟ وبين هذين التعريفين، يتّسع الشرخ... ويضيق الأفق.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment