"بيروت تايمز" تواكب جلسة مساءلة الحكومة غدا من المجلس النيابي
تصاريح براك تصب في خانة الضغوط المتواصلة على كل المستويات على لبنان لتسليم سلاح حزب الله، وهي ضغوط من المرجح ان تتفاقم في المرحلة المقبلة.
اللواء عباس ابراهيم لبنان وسوريا دولتان مستقلّتان؟
بيروت - منى حسن - بيروت تايمز
لا يزال لبنان يعيش تحت وقع التصريحات الأخيرة للموفد الأميركي توماس باراك، التي حملت تحذيرًا ضمنيًا اعتبر تهديدًا مباشرًا للبنان في حال لم يعالج مِلَفّ سلاح حزب الله. الحديث الأميركي أعاد فتح باب القلق مجددًا، وَسَط مخاوف من تغيير الجغرافيا السياسية عبر احتمال دمج لبنان بسوريا أو إخضاعه لوصاية إقليمية ودولية.
عاصفة برّاك
شكّلت "عاصفة" توم برّاك في الساعات الـ48 الأخيرة مادة ملتهبة إضافية، سيكون من شأنها إذكاء حماوة المداخلات والنقاشات التي ستشهدها جِلسة المناقشة العامة لسياسات الحكومة التي سيعقدها غدًا مجلس النواب في جلستين قبل الظهر وبعده. وإذا قرّر رئيس المجلس فتح الجِلسة للتغطية التلفزيونية المباشرة، فإن ذلك سيشكّل بدوره عامل تسخين إضافيًا بما سيجعل من هذه الجِلسة محطة تتخطى تسجيل المواقف للكتل والنواب من التطورات الراهنة، إلى اختصار صورة الإرباك الكبير والغموض الواسع اللذين يرخيان بذيولهما على مجمل الوضع في لبنان.
مصادر نيابية بارزة أكدت الى مراسلة "بيروت تايمز" أن الجِلسة لن ستُنقل مباشرة على الهواء، ما يظهر حساسية النقاشات المرتقبة.
المواقف السياسية
تمثل حكومة الرئيس نواف سلام أمام المجلس النيابي بعد سبعة أشهر على نيلها الثقة. الجلسة ستكون محطة مفصلية، لا سيما أنها تتناول ملفات حساسة مثل حصرية السلاح، ورقة باراك، العلاقة مع دمشق، والتعديلات المطروحة على قانون الانتخاب، خصوصاً ما يتصل بالصوت الاغترابي.
جلسة نيابية بطابع استثنائي
تكتسب جلسة مجلس النواب طابعًا استثنائيًا، كونها تشكّل مناسبة للقوى السياسية لتظهير تموضعها من سياسة الحكومة، وخصوصًا في القضايا الخلافية. وكشفت مصادر سياسية لـ "بيروت تايمز" ان دعوة الرئيس نبيه بري لعقد الجلسة في توقيت سياسي حساس، أتت استجابة للضغوط النيابية بتفعيل الدور الرقابي للمجلس، وفقًا لما نصّت عليه المادة 136 من النظام الداخلي، وسط تساؤلات نيابية حول أداء الحكومة في أكثر من ملف.
الكتل النيابية خلية نحل
عشية انعقاد الجلسة العامة لمجلس النواب المخصصة لمساءلة الحكومة عقدت جميع الكتل النيابية اجتماعاتها كل كتلة برئاسة رئيسها من اجل التنسيق والتشاور في مناقشة المواضيع والمواقف التي ستتصدر مواضيع النقاش.
التيار الوطني الحر يعتزم التركيز على ثلاث ملفات حساسة:
النازحين السوريين: التيار عبّر عن استهجانه لقرار الحكومة بشأن "العودة المستدامة"، معتبرًا أنه يفتقر إلى إجراءات عملية ويبرّر بقاء النازحين في لبنان إلى أجل غير مسمى، ما يشكّل عبئًا على الدولة.
آلية التعيينات: لم تُذكر تفاصيل دقيقة في المصادر الأخيرة، لكن هذا الملف غالبًا ما يثير جدلاً حول المحاصصة والكفاءة، وقد يكون التيار بصدد المطالبة بتعديلات تضمن الشفافية والعدالة.
إعادة الإعمار: التيار يرى أن هذا الملف يتطلب انخراطًا وطنيًا جديًا، بعيدًا عن الشعبوية، ويعتبره فرصة لإعادة السلام والازدهار إلى لبنان، داعيًا إلى إصلاحات مالية وحلول نهائية لأزمة النازحين واللاجئين.
اللافت أن هذا التوجه يتقاطع جزئيًا مع هواجس نواب ثنائي أمل – حزب الله، خصوصًا في ملف إعادة الإعمار، ما قد يفتح بابًا لتفاهمات أو تصعيدات حسب السياق السياسي.
مواقف أحزاب القوات اللبنانية والكتائب والمستقلين
مصادر سياسية كشفت لـ "بيروت تايمز "إن أحزاب القوات اللبنانية والكتائب والمستقلين قد يحملون الثنائي الشيعي مسؤولية تأخر تسليم السلاح وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة. وفي المقابل فإن نواب كتلة الوفاء للمقاومة يجتهدون في الكلام عن مخاطر وبالتالي تخويف الناس من متطرفين بهدف عدم تسليم السلاح. ورأت المصادر أن الرئيس نبيه بري أراد من هذه الجلسة حشر الحكومة وزكزكتها لتكون أكثر فاعلية وجدية بتحقيق الإصلاحات.
حصرية السلاح
توقع مصدر نيابي بارز لـ "بيروت تايمز " أن يركّز النواب في مساءلتهم للحكومة على مواضيع الساعة، وأن تشغل حصرية السلاح بيد الدولة حيزاً رئيساً في استيضاحها لما آلت إليه الاتصالات لتطبيقه، في ضوء الجواب الذي أعده الرؤساء الثلاثة على الأفكار التي طرحها السفير الأميركي لدى تركيا، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى سوريا، توم برّاك، لمساعدة لبنان على وضع آلية تطبيقية لوقف إطلاق النار تمهيداً لتنفيذ القرار 1701 لإلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب وبسط سلطة الدولة على كل أراضيها بلا أي شريك.
وسيحضر جواب الرؤساء الثلاثة على برّاك بامتياز في مناقشة الحكومة ومحاسبتها على قاعدة مطالبة عدد من النواب باطلاعهم على مضامينه، بذريعة أن من حقهم أن يأخذوا علماً بجوابهم وبأفكار المبعوث الأميركي على السواء، رغم أن الوزراء لم يطّلعوا عليها بحجة أنها ما زالت قيد التداول ولم ترسُ على صيغة نهائية، طالما أنها ما زالت تدور بين أخذ ورد، وأنه فور التوافق عليها ستوضع بتصرف البرلمان وأعضاء الحكومة.
مواقف برٌاك
رغم توضيح الموفد الاميركي توم برٌاك كلامه الأخير وما قصد به، فإن ما قاله بقي مادة للتحليل والتعليق. وفي هذا السياق توقفت مصادر سياسية مطلعة أمام ظاهرة اختلاف اللبنانيين أمام كل مشهد سياسي يتعلق ببسط سيادة الدولة على أراضيها. ورأت فيه خطراً وجودياً على قيام الدولة كما جاء في البيان الوزاري وفي خطاب القسم.
لبنان يترقب الموقف الأميركي
لا يزال لبنان يترقب الموقف الأميركي من ردّه "المزدوج" على ورقة المبعوث الأميركي، توم برّاك، واكدت مصادر وزارية أن الرد الأميركي لن يكون قريباً جداً بل سيأخذ بعض الأيام الإضافية، لان الجانب الأميركي يراجع الرد اللبناني الذي لا يقتصر على الورقة التي قدّمها الرئيس جوزاف عون، إنما أيضاً الملاحظات التي قدمها رئيس البرلمان نبيه بري، وبالتالي الاطلاع على الاختلاف بين الورقتين ومدى تطابقهما في بعض النواحي، وهو ما قد يأخذ بعض الوقت.
وتشير المصادر إلى أن الطرف اللبناني لا يزال ينتظر اتصالاً من السفيرة الأميركية في بيروت، التي من المفترض أن تنقل الرد الذي يرتكز بشكل أساسي على سحب سلاح حزب الله، وفق ما كان الاتفاق عليه في الاجتماعات الأخيرة، وهو ما لم يحصل حتى الآن.
اتصالات على اعلى المستويات
واكدت مصادر لبنانية، أن أصداء المفاجأة السلبية التي أحدثها برّاك استدعت منه المسارعة إلى تفهّم الأجواء العاصفة التي أثارها وإصداره التوضيح. ومع ذلك، فإن المعطيات نفسها تشير إلى أن "الأسوأ لم يحصل بعد" فيما يعني أنه لا يمكن التعامل مع تصريحات برّاك بعد عودته إلى واشنطن إلا من خلال تدقيق الدوائر المختصة في الإدارة الأميركية في الرد اللبناني على ورقته، وتالياً ترجيح احتمال أن يكون برّاك يرجع صدى تقويم سلبي لهذا الرد.
وفي ظل هذه التقديرات، ترجّح المعطيات نفسها أن تكون ثمة زيارة ثالثة قريباً لبرّاك إلى لبنان وأن "الثالثة ثابتة" لجهة أنها ستتّسم بطابع حاسم فعلاً لأنها ستحمل الردّ الأميركي وتوجّهات الإدارة الأميركية عملياً حيال السلطة اللبنانية، فيما يعود إلى مسالة نزع سلاح "حزب الله"، بما سيتبين معه مدى الهامش المتاح للبنان بعد في التمهل أو عدم التمهل بعد الآن في وضع خطة واضحة لبرمجة نزع السلاح.
وقال مصدر واسع الاطلاع لـ "بيروت تايمز" ان التخبط هو سيد الموقف لدى المسؤولين اللبنانيين، وبالتحديد الحكومة ورئاسة الجمهورية كما وزارة الخارجية، فهم غير قادرين على الخروج لانتقاد وادانة ما ورد على لسان برّاك، وبنفس الوقت لا يستطيعون التعامل معها وكأنها لم تكن، نظرًا للاستياء الشعبي الكبير منها، والضغوط السياسية المطالبة بموقف رسمي واضح.
وأشار المصدر الى انه "بات واضحًا ان الهدف الاساسي من تحذيرات برّاك، ومن محاولة ربط مصير سوريا مجددا بمصير لبنان، وهو ما يتزامن مع اخبار متداولة عن تحركات على الحدود من الجهة السورية وتوقيف خلايا متشددة، كلها تصب في خانة الضغوط المتواصلة على كل المستويات على لبنان لتسليم سلاح حزب الله، وهي ضغوط من المرجح ان تتفاقم في المرحلة المقبلة".
انقسام سياسي
وسط هذا الانقسام، كان هناك انشغال فعلي بالتدقيق بما قاله باراك، خصوصاً في ظل الربط ما بين الموقف والتحذيرات التي كان قد تبلغها المسؤولون اللبنانيون، بأنه ما لم تتمكن الدولة اللبنانية من جدولة عملية سحب السلاح بشكل كامل وتطبيقها، فإن عناصر خارجية كثيرة ستتداخل على الساحة اللبنانية بالإضافة إلى التلويح بحرب إسرائيلية كبرى.
اللواء عباس ابراهيم لبنان وسوريا دولتان مستقلّتان
من ناحية اخرى علّق اللواء عباس ابراهيم على تصريحات الموفد الأميركي توم برّاك مشيراً إلى أن لبنان وسوريا دولتان مستقلّتان. وكتب ابراهيم على منصاته عبر مواقع التواصل الاجتماعي: “لبنان وسوريا دولتان مستقلتان. أشقاء كنا وسنبقى. من هنا، لا رسم للخرائط ولا قضم للسيادة. لبنان في خطر وجودي وسوريا في حالة تجل – وتفسير هذه الحالة هو ضم أجزاء من لبنان، وإعادة النظر في حدود سايكس بيكو باعتبارها حدودًا صنيعة الغرب ووجوب إعادة رسمها.” وتساءل: "هل يبرر هذا الخطاب المطالبة بنزع السلاح"؟.
ابراهيم تابع بالقول: “هكذا، تتحول دعوة النزع إلى أفضل حملة للترويج تمسكا بالسلاح. هل هي لبنانية، السيد توم براك التي تحركت فخاطبنا، تلك التي لا تعرف الانهزام ولا تفرّط بالسيادة مهما غلت التضحيات؟ فمن كان وطنه في خطر، وجب عليه التسلح والتعبئة. أم أنه زمن الضم والفرز وإطفاء الحرائق بطواحين الهواء"؟.
وختم: "نعم، ربما سوريا تتخلى، ولكن عن لبنان لن نتخلى مهما عظمت التضحيات".
لبنان والمرحلة الدقيقة
مرجع سياسي اكد لـ "بيروت تايمز" ان لبنان يمرّ بمرحلة استثنائية مصيرية صعبة والمطلوب توافق وطني وتوحيد الرؤية والموقف، وقال: نحن في بداية طريق وطريق صعب، شائك، وإسرائيل تقف بالمرصاد وتصرّ على شروطها، وعلى انتهاكها اتفاق وقف الأعمال العدائية وتستبيح كل شيء.
البلد لا يحتمل العنتريات والتحديات والبطولات ولا يكفي أن نتحدث جميعًا عن المرحلة المصيرية الوجودية التي يواجهها لبنان، وتكون حساباتنا ومواقفنا أخطر بكثير من هذا الخطر وأصغر من مواقع المسؤولية وأمانتها.
وختم بالقول ان هذا الكلام برسم كل المعنيين بإنضاج الموقف الوطني اللبناني في الحكومة وخارجها .
Comments