تحقيق خاص لـ بيروت تايمز من دمشق، بقلم: فاطمة الشاعر
في اليوم الثالث من المواجهات الدامية التي تعصف بمحافظة السويداء السورية، شهدت خطوط القتال تصعيدًا شديد الْخَطَر مع اتساع رقعة الاشتباكات إلى أربع محاور رئيسية، أبرزها مطار الثعلة العسكري، حيث تمكنت القوات الحكومية من تحقيق تقدم ميداني وَسَط مقاومة عنيفة من المقاتلين المحليين. وارتفعت حصيلة القتلى إلى نحو اكثر من 100 شخص حتى مساء الإثنين، في ظل تدهور إنساني وأمني متفاقم.
وأفادت شبكة "السويداء 24" بأن معارك عنيفة اندلعت في محيط مطار الثعلة بين مسلحين من أبناء الطائفة الدرزية وعناصر من عشائر البدو، قبل أن تمتد المواجهات إلى محاور حزم، كناكر، وتعارة. كما شهد المحور الغربي لمدينة السويداء تجددًا للاشتباكات عند قرية كناكر فجراً، حيث سُمع دوي انفجارات كثيفة وأصوات إطلاق نار متواصل.
مصادر ميدانية أكدت لـ"بيروت تايمز" أن القوات الحكومية أطلقت هجومًا واسع النطاق من محورين رئيسيين: الأول عبر بصر الحرير – تعارة، والثاني من أم ولد – كناكر، معززة بقوات من الفرقة 25 بقيادة العميد محمد الجاسم المعروف بـ"أبو عمشة"، ما مكنها من إحراز تقدم ميداني محدود، رغم المقاومة الشرسة التي أبدتها الفصائل المحلية.
حصيلة ثقيلة... وجثث مجهولة الهوية
حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بلغت حصيلة القتلى حتى الآن 99 شخصًا، بينهم 60 من أبناء السويداء، من ضمنهم طفلان وسيدتان، إلى جانب 18 من عشائر البدو، و14 عنصرًا من وزارة الدفاع السورية، و7 جثث مجهولة الهُوِيَّة يرتدون زيًا عسكريًا.
الجانب الطبي في المحافظة يعيش أوضاعًا كارثية، إذ استقبلت المستشفيات أكثر من 200 جريح خلال 24 ساعة فقط، بعضهم في حالات حرجة وَسَط نقص حاد في الأدوية والإسعافات، ما ينذر بانهيار المنظومة الصحية في حال استمرار القتال بهذه الوتيرة.
انتهاكات ونهب... واعتقالات متبادلة
تقارير محلية تحدثت عن عمليات نهب، سلب، وإحراق ممتلكات في القرى التي اقتحمتها القوات الحكومية، إلى جانب حالات اعتقال متبادل وأسرى من الطرفين. كما تم تسجيل انتهاكات بحق المدنيين في مناطق الاشتباكات.
وفي تطور ميداني موازٍ يزيد من تعقيد المشهد الأمني جنوب سوريا، هاجم مجهولون نقطة أمنية تابعة لقوى الأمن الداخلي في مدينة الصنمين بمحافظة درعا، ما أدى إلى اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة.
الحكومة: فرض السيطرة… وتهدئة مزعومة
الحكومة السورية برّرت عملياتها العسكرية بأنها تستهدف إعادة بسط سيطرة الدولة وتهدئة الفوضى الأمنية، وأعلنت فرض حظر تجول في مدينة السويداء اعتبارًا من صباح الثلاثاء، محذّرة من أي خرق للإجراءات.
في المقابل، رحبت الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية، ممثلة بالشيخ حكمت الهجري، بتدخل الدولة، لكنها طالبت بوقف فوري لإطلاق النار وفتح قنوات حوار مباشر مع السلطة المركزية، لتفادي المزيد من إراقة الدماء.
قلق إقليمي وترقب دولي
مصادر دبلوماسية أبدت لـمراسلة "بيروت تايمز" مخاوف من تمدد النزاع إلى مناطق أوسع في الجنوب السوري، في ظل هشاشة الأوضاع الأمنية في درعا والسويداء، وما قد يستتبع ذلك من تصعيد إقليمي قد يضع إسرائيل والأردن ولبنان في حالة تأهب قصوى.
الوضع في السويداء لا يزال مفتوحًا على احتمالات كارثية، مع غياب أي مبادرة دولية أو وساطة حقيقية توقف النزف، وتضع حدًا لانهيار المجتمع المحلي الذي يعيش منذ أعوام فوق فوهة بركان.
Comments