bah السويداء بين الحسابات السورية والإسرائيلية... والرئيس السوري أحمد الشرع يتهم إسرائيل بـ "خلق الفتن داخل سوريا" - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

السويداء بين الحسابات السورية والإسرائيلية... والرئيس السوري أحمد الشرع يتهم إسرائيل بـ "خلق الفتن داخل سوريا"

07/17/2025 - 04:59 AM

absolute collision

 

 

دمشق - بيروت تايمز - تقرير الاعلامي جورج ديب

 

في كلمة متلفزة لافتة، جاءت بعد أسابيع من التوتر الأمني والميداني في الجنوب السوري، كشف الرئيس السوري أحمد الشرع عن ملامح التسوية المعقّدة التي توصلت إليها الدولة السورية في محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، وسط تصاعد التهديدات الإسرائيلية، وضغوط إقليمية متشابكة، وخيارات داخلية صعبة فرضها الواقع.

لماذا السويداء اليوم؟

لم تكن السويداء يوماً بعيدة عن حسابات دمشق الأمنية والسياسية، لكنها لم تكن أيضاً جزءاً مباشراً من الصراع المفتوح الذي اجتاح معظم الجغرافيا السورية منذ 2011. خلال السنوات الماضية، لعبت المحافظة دور "المنطقة الرمادية"؛ خارج سلطة الفصائل الإسلامية المتشددة، وخارج الاشتباك المباشر مع الجيش السوري، لكنها لم تكن أيضاً مستقرة بالكامل، إذ سادت فيها فوضى السلاح، وصعود فصائل محلية متضاربة الولاءات، إلى جانب تمدد النفوذ الخارجي تحت عناوين حماية الأقليات أو حقوق الدروز.

إسرائيل كانت تدرك هذا الهامش جيّداً. وفي الشهور الماضية، صعّدت من تحرّكاتها العسكرية في الجنوب السوري، وخصوصاً عبر استهداف المنشآت العسكرية والمدنية والبنى التحتية، تحت ذريعة "منع التمدد الإيراني" في الجنوب. إلا أن تصعيد استهداف السويداء أتى في سياق أوسع: خنق قدرة الدولة السورية على إعادة بسط سيادتها تدريجياً على المناطق التي كانت خارج السيطرة الرسمية.

التصعيد كخيار استباقي

في كلمة الرئيس الوري الانتقالي احمد الشرع، بدا واضحاً تحميل "الكيان الإسرائيلي" مسؤولية استهداف مباشر للمنشآت المدنية والحكومية، بهدف تقويض جهود الدولة السورية في فرض الاستقرار. هذا الاتهام ليس جديداً في الخطاب السوري، لكنه في حالة السويداء يحمل دلالات مضاعفة:

- إسرائيل تدرك أن استقرار السويداء يعني عودة دمشق تدريجياً إلى حدود الجولان، وهو ما لا ترغب به.

- استهداف منشآت الدولة في الجنوب يبعث برسالة مزدوجة لدمشق وطهران، بأن الجنوب خط أحمر عسكرياً وأمنياً.

- الفوضى الداخلية تريح إسرائيل أكثر من استقرار يسمح بإعادة بناء الجيش السوري وتعزيز الحضور الروسي-الإيراني.

تركيا: لاعب من الخلفية

رغم أن أنقرة لم تُذكر صراحة في خطاب الشرع إلا في سياق الوساطة، إلا أن الدور التركي لم يغب عن خلفيات الأزمة. فتركيا، التي تسيطر عملياً على مناطق واسعة في الشمال السوري، وتملك أوراق ضغط عبر فصائل الجنوب المرتبطة بها أو بـ"أصدقاء تركيا"، كانت حاضرة في ترتيبات التهدئة، وخصوصاً عبر خطوط الاتصال مع موسكو وواشنطن.

تركيا لا ترغب في تفجير الجنوب السوري، لكنها أيضاً لا ترغب في انتصار كامل لدمشق يعيدها إلى معادلات ما قبل 2011. لذلك مارست ضغطاً متوازناً؛ دعم محدود للوسطاء الدروز من جهة، وحضّ الفصائل على عدم التصعيد من جهة أخرى.

الدروز: بين نارين

الطائفة الدرزية في سوريا تعيش اليوم واحدة من أصعب لحظاتها التاريخية. بين الخوف من التهجير أو الفوضى وبين الحاجة إلى ضمانات الدولة المركزية. في كلمته، أوضح الرئيس السوري إدراكه لحساسية اللحظة، عارضاً على الدروز خياراً بديلاً للحرب:

- ترك مهمة الأمن إلى مشايخ العقل والوجهاء والفصائل المحلية التي تعود إلى بيت الطاعة الوطني.

- تجنب المواجهة المباشرة التي قد تدفع ثمنها القرى والبلدات الدرزية.

- التأكيد أن الدولة لن تتخلى عن مسؤوليتها في حماية الطائفة ومحاسبة المعتدين عليها.

لكن في المقابل، البيئة الدرزية ليست موحّدة. ثمة أصوات لا تزال تنادي بالتحالف مع قوى خارجية (إسرائيل، الأردن، حتى أمريكا) لضمان نوع من "الاستقلال الذاتي"، وثمة فصائل تورّطت في عمليات تهريب وسلاح باتت تخشى من الحساب الأمني.

سوريا: بين السيادة والتكتيك

خطاب الشرع بدا واقعياً: دمشق تعرف أن فتح جبهة مع إسرائيل لن يكون لصالحها اليوم، خصوصاً في ظل أزمات اقتصادية خانقة، وانشغال حلفائها (روسيا، إيران) بجبهات أخرى، ووجود وساطات أميركية وعربية تُبقي الباب مفتوحاً أمام تهدئة مؤقتة.

القرار بإبقاء الفصائل المحلية في السويداء ضمن دائرة الأمن وليس العداء، هو خيار تكتيكي ذكي يمنح الدولة السورية: مساحة تنفّس، ويخفّف الضغط الإسرائيلي، ويعزل بعض المشايخ المتشددين، ويمنع إسرائيل من توظيف ملف الدروز لاحقاً.

ماذا بعد - هل ستقف إسرائيل مكتوفة اليدين؟

الجواب على الأرجح: لا. ستواصل محاولات الاستنزاف عبر الضربات المحدودة والضغوط السياسية، لكنها لن تذهب إلى حرب مفتوحة تعرف أنها قد تُفجّر كل الجبهات من لبنان إلى الجولان إلى غزة.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment