بيروت – بيروت تايمز - إعداد وتحرير: منى حسن
في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية المتفاقمة التي تعصف بلبنان، برزت جِلسة مساءلة الحكومة في مجلس النواب كمحطة محورية لتقييم الأداء الرسمي ومساءلة السلطة التنفيذية في مرحلة دقيقة تتطلب وضوحًا في الرؤية وتكاملًا في المسؤولية. وفي هذا السياق، التقت مراسلة بيروت تايمز مع النائب في مجلس النواب اللبناني محمد يحيى، ممثل محافظة عكار وأحد أبرز أعضاء كتلة "التوافق الوطني"، المعروف بمواقفه الداعمة للحوار الوطني وبدفاعه المستمر عن حقوق المناطق المهمّشة، لا سيما عكار التي وصفها بأنها "الأكثر فقرًا في لبنان".
النائب محمد يحيى والاعلامية منى حسن
النائب يحيى شارك في لقاءات سياسية بارزة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث شدد على أن الحوار هو المدخل الأساسي لانتخاب رئيس للجمهورية، كما ناقش مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ملفات أمنية وإنمائية تخص الجنوب وعكار. ويُعد من النواب الذين يطالبون بإجراء الانتخابات البلدية في مواعيدها الدستورية، حتى في القرى الجنوبية المتضررة من الحرب، مؤكدًا أن إعادة الإعمار يجب أن تكون أولوية وطنية لا تحتمل التأجيل. وقد تناول في حديثه مع بيروت تايمز أبرز الملفات الساخنة، من أمن الحدود والتهريب، إلى التصعيد الإسرائيلي، مرورًا بأداء الحكومة في ظل الأزمة الراهنة.
الحوار مع مراسلة بيروت تايمز
كيف يقيّم النائب محمد يحيى الوضع العام في لبنان؟
يحيى: الوضع العام في لبنان بالغ التعقيد، ويتطلب إرادة سياسية صادقة وتعاونًا فعليًا بين جميع الأطراف. نحن نمنح الثقة للحكومة انطلاقًا من تبنيها للبيان الوزاري الذي يتماشى مع خطاب القسم للرئيس جوزاف عون، لكن العبرة تبقى في وتيرة العمل وصفاء النية.
عكار تريد الدولة، والدولة يجب أن تكون حاضرة في عكار، وفي كل المناطق المهمّشة. المطلوب اليوم هو تفعيل الجباية، تحسين أوضاع القطاع العام، دعم الجيش اللبناني، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي بما يضمن استعادة الودائع.
أما في ما يتعلق بالأمن، فالدولة هي المسؤولة عن حماية الحدود وتطبيق القرار 1701، ونحن ملتزمون باتفاق الطائف بكل بنوده. العدوان الإسرائيلي ما زال مستمرًا، سواء عبر الغارات أو الانسحاب غير الكامل من الأراضي اللبنانية، ويجب استخدام كل الوسائل لتحرير كل شبر من أرضنا. وأدعو إلى إنشاء صندوق لإعادة إعمار لبنان بعد الحرب، وأتمنى أن تلتزم الحكومة فعليًا بشعار "الإصلاح والإنقاذ" بدل الاكتفاء بالشعارات
ضبط الحدود: لجنة مشتركة لتفادي الانفلات الأمني
ردًا على سؤال مراسلة بيروت تايمز حول التسلل من سوريا إلى لبنان، شدد النائب يحيى على أن "الحدود بين البلدين تتأثر بما يجري في المنطقة، لكنها اليوم تشهد تنظيمًا أفضل". وكشف عن تشكيل لجنة سورية–لبنانية مشتركة "تهدف إلى التنسيق الأمني وضبط الحدود، واستتباب الأمن بين الدولتين".
وأضاف: "لو لم يتم تأليف هذه اللجنة، لكنا نشهد يوميًا عشرات القتلى نتيجة الفوضى والانفلات الحدودي".
التهريب: ملف مزمن قيد المعالجة
وفي ما يتعلق بظاهرة التهريب، أشار يحيى إلى أن "التهريب بين لبنان وسوريا ليس وليد اللحظة، بل هو قائم منذ سنوات طويلة"، مؤكدًا أن "الجهود اليوم تتضافر من مختلف الجهات المعنية لوضع حد لهذه الظاهرة التي تستنزف الاقتصاد وتُضعف سلطة الدولة".
التصعيد الإسرائيلي: لا حرب شاملة
وعن احتمال عودة الحرب الإسرائيلية إلى لبنان، استبعد النائب يحيى هذا السيناريو، قائلاً لـبيروت تايمز: "لست متخوفًا من اندلاع حرب شاملة، فإسرائيل تستهدف مواقع محددة بدقة، ولا مؤشرات على تصعيد واسع النطاق".
وأضاف: "نحن نعيش مرحلة حرجة تتطلب منا أقصى درجات الوعي، الحذر، والتضامن الوطني لإحباط المؤامرات التي تُحاك ضد لبنان".
مساءلة الحكومة: تحفيز على التحرك واستعادة الدور
وفي سياق جلسة مساءلة الحكومة، أوضح يحيى أن "هذه المساءلة تهدف إلى دفع الحكومة نحو تحرك أكثر فاعلية، خصوصًا في ما يتعلق بتطبيق وقف إطلاق النار، واستعادة دور الدولة على مختلف الأصعدة".
وأشار إلى أن "الأولوية اليوم تكمن في معالجة الضائقة الاقتصادية التي ترهق المواطن اللبناني، وتستدعي تدخلًا حكوميًا عاجلًا يعيد الثقة ويعزز الاستقرار".
الحاجة إلى وضوح في الأداء الحكومي
تُثني بيروت تايمز على أهمية الأصوات النيابية التي تُطالب بتفعيل دور الدولة ومحاسبة الأداء الحكومي، في ظل ما يشهده لبنان من أزمات متراكمة. تصريحات النائب محمد يحيى تعكس إدراكًا واقعيًا لحجم التحديات الأمنية والاقتصادية، وتُبرز الحاجة إلى تنسيق فعّال بين المؤسسات اللبنانية والسورية لضبط الحدود، ووقف النزيف الاقتصادي الناتج عن التهريب.
وفي الوقت الذي يستبعد فيه النائب عودة الحرب الإسرائيلية، تبقى المخاوف قائمة ما لم تُعزز الدولة اللبنانية حضورها السياسي والأمني، وتُعيد بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات.
إن مساءلة الحكومة ليست مجرد إجراء برلماني، بل هي دعوة صريحة إلى تحمّل المسؤولية، وتقديم رؤية واضحة تُخرج البلاد من دوامة الانهيار. وفي هذا السياق، تؤكد بيروت تايمز أن الإعلام الحر سيبقى شريكًا في كشف الحقائق، ومواكبة كل من يسعى إلى حماية لبنان من الفوضى والانقسام.
Comments