bah أسامة سعد لـ بيروت تايمز: في مواجهة التحديات التاريخية - الحل بتوافقات وطنية لا بمناكفات طائفية - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

أسامة سعد لـ بيروت تايمز: في مواجهة التحديات التاريخية - الحل بتوافقات وطنية لا بمناكفات طائفية

07/22/2025 - 02:29 AM

Bt adv

 

 

بيروت - مجلس النواب - بيروت تايمز - حوار منى حسن 

 

النائب الدكتور أسامة معروف سعد، يمثل واحدًا من أبرز وجوه الحركة الوطنية في الجَنُوب اللبناني، ابن مدينة صيدا الجنوبية، وابن العائلة التي اقترنت باسم المقاومة والنضال الشعبي منذ خمسينيات القرن الماضي. وُلد عام 1954 لعائلة سعد الصيداوية، التي كرّست وجودها السياسي لخدمة قضايا الطبقات الشعبية، بدءًا من والده الشهيد معروف سعد، مرورًا بشقيقه مصطفى، وصولًا إليه شخصيًا.

نشأ أسامة في كنف جدته بعد فقدان والدته شفيقة البزري، وتربّى على مفاهيم العدالة والرفض، في بيئة ناصرية مثقلة بذاكرة الاغتيال والصراع. حصل على شهادة الطب من جامعة القاهرة عام 1979، وكان على وشك التخصص في طب الأطفال، إلا أن تعقيدات المرحلة، ولا سيّما إصابة شقيقه مصطفى في محاولة اغتيال إسرائيلية عام 1985، دفعته للتخلي عن الطب والانخراط الكامل في العمل السياسي.

بعد وفاة مصطفى سعد، انتقل أسامة إلى قيادة التنظيم الشعبي الناصري، واضعًا نصب عينيه استمرارية المشروع النضالي، بعيدًا عن التسويات الطائفية أو المحاصصات الحزبية. انتُخب نائبًا عن مدينة صيدا لأول مرة عام 2002، ثم أعيد انتخابه لثلاث دورات برلمانية، متمايزًا بخطاب واضح المعالم، ينتقد السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، ويرفض منح الثقة لحكومات لم تكن يومًا إلى جانب الفئات المهمّشة.

خاض معارك بلدية شرسة في صيدا، أبرزها عام 2004 ضد لوائح مدعومة من الحريرية السياسية، ووقف إلى جانب انتفاضة 17 تشرين، معتبرًا أن الشعب اللبناني لا يحتاج وصاية خارجية كي يطالب بحقوقه. في مواقفه الأخيرة، دعا إلى تشكيل جبهة وطنية شعبية لكسر احتكار السلطة من قبل القوى الطائفية، مؤكّدًا أن التغيير لا يتحقق عبر البرلمان فحسب، بل عبر إعادة هيكلة الوعي السياسي لدى الناس.

النائب الدكتور أسامة معروف سعد ومراسلة بيروت تايمز منى حسن


وإلى تفاصيل الحوار الذي جرى خلال حضور مراسلة بيروت تايمز منى حسن جلسات مجلس النواب اللبناني الأخيرة، حيث التقت النائب الدكتور أسامة سعد على هامش المناقشات العامة، في لحظة سياسية دقيقة تمرّ بها البلاد وسط تصاعد الأزمات وتبدّل المشهد الإقليمي. فكان الحوار فرصة للتوقف عند رؤيته النقدية للواقع اللبناني، وتحليله المتماسك للتحديات الداهمة وسبل الخروج من المأزق الوطني.

 

بيروت تايمز: تقدمتم في جلسة المناقشة العامة بأفكار اعتبرتموها ملحة وضرورية. هل لبنان اليوم أمام تحديات ومخاطر؟
أسامة سعد: نعم، لبنان أمام تحديات ومخاطر حقيقية، وحقول ألغام وأسئلة قلقة ترتبط بخرائط جديدة تُرسم في العالم العربي ومعادلات قوة ونفوذ فرضتها ميادين القتال. العدو الإسرائيلي يسعى إلى تصفية كاملة للقضية الفلسطينية عبر حرب إبادة وتجويع وتطهير عرقي، ويتوسّع باتجاه لبنان وسوريا بدعم أميركي، مقدّمًا نفسه كقوة عظمى في المنطقة.

بيروت تايمز: وكيف يمكن للبنان أن يواجه هذه التحديات؟
أسامة سعد: إن لم نعالج الأمور بعقل وطني وتموضع وطني بعيدًا عن التموضعات الطائفية والمذهبية والفئوية القاتلة، فستكون الأثمان باهظة، وقد نصل إلى انهيار كبير، بل انفجار. الطريق الوحيد هو بناء توافقات وطنية راسخة بالحوار المسؤول، بالرضا والالتزام الوطني حول الملفات الحساسة.

بيروت تايمز: هل تعتقد أن هناك حاجة إلى الاعتراف بالأزمات القائمة؟
أسامة سعد: بالتأكيد. نحن بحاجة إلى شجاعة الاعتراف بالأزمات التي تعصف بالبلد، ونحتاج إلى أن نتصارح لا أن نتكاذب. يجب أن تتسع الصدور لكل رأي واجتهاد، وهذه مسؤولية جماعية.

بيروت تايمز: ما هي الأزمات التي تعتبرها أكثر تأثيرًا على لبنان اليوم؟
أسامة سعد: لا داعي لتعدادها، فالكل يعرفها: الاحتلال والعدوان، أزمة السلاح، إعادة الإعمار، الأزمة الاقتصادية، والأوضاع المعيشية. الانكشاف السياسي وعدم القدرة على صياغة توافقات يُشكلان ضغطًا هائلًا على لبنان ويهددان سلامة الدولة.

بيروت تايمز: في رأيكم، كيف تكتسب الدولة شرعيتها اليوم؟
أسامة سعد: الدولة تكتسب قوتها وشرعيتها حين تلبي مطالب الأغلبية من الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل والفقراء، وتحقق تطلعاتهم نحو الحرية والعدالة الاجتماعية، والأمن، ودولة حديثة منيعة تحميهم من القهر والظلم والتبعية.

بيروت تايمز: هل نحن بالفعل أمام خرائط جديدة تُرسَم في المنطقة؟ وأين لبنان من ذلك؟
أسامة سعد: نعم، نحن أمام لحظة تاريخية فارقة، تُطوى فيها خرائط وتُستولد أخرى وفق حسابات المصالح الاستراتيجية للأقوياء الإقليميين والدوليين، على حساب الشعوب العربية. في ظل الانقسامات الحادة، تصبح الحاجة ملحة لفتح قنوات الحوار العام وبناء توافقات وطنية حول القضايا الأساسية.

بيروت تايمز: هل تعتقد أن ورشة الإنقاذ الوطني يجب أن تشمل الجميع؟
أسامة سعد: طبعًا، فلتكن مخرجاتها توافقات وطنية حاسمة، يتشارك فيها الجميع ويتحمّل مسؤوليتها الجميع. هذا هو المسار الآمن للخروج من الأزمات والمخاطر إلى الطريق الصحيح.

بيروت تايمز: جُددت الثقة بحكومة الرئيس نواف سلام مؤخرًا. كيف تقيم هذه الخطوة؟
أسامة سعد: تجديد الثقة هدفه أن تستكمل الحكومة عملها وإنجازاتها. إنها ليست ثقة مطلقة، بل تعني أننا لا زلنا راضين عن الأداء حتى الآن، رغم الظروف الصعبة. المطلوب من الحكومة الاستمرار بتنفيذ برنامجها كما ورد في البيان الوزاري، ومواجهة الضغوط والتحديات المحيطة بالبلد.

بيروت تايمز: كيف كان رد الرئيس نواف سلام خلال الجلسات؟
أسامة سعد: رد الرئيس سلام كان موضوعيًا وهادئًا، ويعكس انتباهه للأوضاع والمخاطر المحدقة بلبنان. وهو مصمم على الاستمرار في المعالجة من منطلق دستوري وقانوني ووطني، وهذا أمر إيجابي.

بيروت تايمز: بصفتكم نائبًا عن مدينة صيدا، كيف ترون المرحلة المقبلة؟
أسامة سعد: أبرز التحديات هي الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، من انتهاكات واغتيالات وتدمير واحتلال مستمر. هذا يستدعي توافقات وطنية واضحة لمواجهة العدو الإسرائيلي.

بيروت تايمز: وهل القوى السياسية جاهزة لهذه التوافقات؟
أسامة سعد: للأسف، يبدو أن القوى النافذة في مراكز القرار ليست جاهزة بعد للتوافقات الوطنية الضرورية لمواجهة هذه المخاطر.

 

في هذا الحوار، تجلّى صوت النائب أسامة سعد كأحد الأصوات النادرة التي لا تزال تحاول أن تُبقي البوصلة الوطنية حاضرة في المشهد اللبناني المأزوم. في زمن تُرسم فيه خرائط النفوذ على حساب الشعوب، يبدو التحدي الأكبر ليس فقط مواجهة العدو، بل مواجهة الذات والتخلي عن الاصطفافات العقيمة. إن القراءة الدقيقة لمواقف سعد تكشف عن دعوة صريحة إلى عقل سياسي جديد، ينهض من تحت ركام الطائفية، ويعيد للبنان صورته كبلد الرسالة والمواطنة والحق.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment