لا يمكن بناء دولة القانون والمؤسسات بوجود سلاح خارجها لكننا ندعو إلى الحوار والتفاهم
ليس فقط دور نواب التغييريين مغيب بل جميع نواب المستقلين أيضًا دورهم مغيب
بيروت - بيروت تابمز - مجلس النواب اجرت منى حسن
في زمن تتشابك فيه مفاهيم السيادة والعدالة والشفافية، يطلّ النائب اللبناني الجنوبي شربل مسعد بخطاب سياسي متمايز يرفض الاستسلام للمنطق السائد في التهرب من المساءلة. بين ركام الملفات السياسية والاجتماعية العالقة، يصرّ مسعد على أن الحصانة الحقيقية للنائب لا تُقاس بامتيازات منصبه، بل بنظافة الكف أمام القضاء وجرأة المواجهة أمام الناس.
هذا الموقف لا ينبع من نزعة شعبوية عابرة، بل من رؤية إصلاحية متجذرة في قناعاته الشخصية والمهنية، حيث تتداخل خلفيته الطبية ومديرته السابقة لمستشفى جزين مع نظرته إلى العدالة كعلاج سياسي واجتماعي لا يحتمل التسويف.
في حديثه إلى "بيروت تايمز"، يفصح مسعد عن رغبته الملحّة برفع الحصانات، محذرًا من الاستحقاقات المعلّقة التي باتت مرهونة لحروب الإقليم ومساومات الخارج، في حين يرى أن القضاء وحده يمتلك القدرة على ترميم الدولة وإعادة الثقة إلى مواطنيها.
وفي سياق مواقفه السيادية، يرفض مسعد تدخل الخارج في الشأن اللبناني، مشددًا على أن مسألة حصرية السلاح ليست مادةً للتفاوض الإقليمي بل قضية داخلية، يجب أن تحسمها الدولة عبر مؤسساتها العسكرية والأمنية. لكنه لا يطرح ذلك من باب المواجهة، بل يدعو إلى حوار داخلي صريح يرسّخ منطق الدولة ويبعد لبنان عن تجاذبات الخارج ومساوماته. فالمعادلة التي يقترحها لا تقوم على التخوين، بل على تفاهم وطني يعيد هيبة المؤسسات ويضع حدودًا واضحة بين ما هو أمني وما هو سياسي.
النائب اللبناني الجنوبي شربل مسعد ومرلسلة بيروت تايمز منى حسن
وإلى نص الحوار :
■ بيروت تايمز: سعادة النائب، كيف تقيمون مسار جِلسة المجلس النيابي بشأن رفع الحصانة عن النائب جورج بوشيكيان؟
- أنا أعتبر أن حصانة النائب اليوم هي نظافة كفه أمام القضاء وشفافيته أمام الناس. هذه الحصانة لا يجب أن تكون أبدًا عذرًا للشخص كي لا يمثل أمام العدالة، لذلك أنا مع رفع الحصانات، والقضاء هو الذي يأخذ القرار في هذه المواضيع.
■ بيروت تايمز: هل هذه القضية ستتم ملاحقتها حتى النهاية عبر الإنتربول الدولي، خصوصًا وأن النائب بوشيكيان موجود اليوم في كندا ويحمل جنسيتها؟
- سيأخذ هذا الموضوع مجراه القانوني. وأنا أتحدث بشكل عام عن رفع كل الحصانات، وليس فقط عن رفع حصانة النائب بوشيكيان، لأن هذه الحصانة يجب أن لا تكون ذريعة لأي شخص ثبت تورطه، بل يجب أن يُحاكم ويمثل أمام القضاء.
■ بيروت تايمز: برأي سعادتكم، إلى ماذا يحتاج القضاء اللبناني اليوم؟
- القضاء اليوم يحتاج إلى حماية تشريعية وسياسية حقيقية، لا شعارات عن الاستقلال، بل أدوات تضمنه. نريد كذلك قضاءً لا يخشى السياسي، بل يراقبه ويحاسبه.
■ بيروت تايمز: هل نحن أمام فتح كل ملفات الفساد أم أن الملفات ستكون انتقائية؟
- نحن مع فتح جميع ملفات الفساد، وهذا هو مطلبنا كنواب مستقلين وتغييريين. لا يمكن أن نبني دولة إذا لم يكن لدينا قضاء عادل. وأنا أعتبر أن كل السياسيين وكل الأشخاص هم تحت سقف القانون.
■ بيروت تايمز: كنائب تغييري، كيف ترون المرحلة المقبلة، وما هو الدور الذي تضطلعون به؟
- طروحاتنا ومبادئنا وشفافيتنا معروفة أمام الناس. صحيح أننا نمرّ بمرحلة صعبة على كافة الأصعدة، الاقتصادية والأمنية وغيرها، ولكن يبقى مشروعنا هو مشروع قيام الدولة، الذي نتمنى أن نبنيه مع الأشخاص الذين يملكون نظافة الكف ولديهم صدق في عملهم وتعاطيهم السياسي. نحن مستعدون أن نتعاون مع الجميع حتى نبني لبنان الجديد للأجيال المقبلة.
■ بيروت تايمز: كيف تقيمون زيارة المبعوث الأميركي توم براك إلى لبنان؟
- جال المبعوث الأميركي توم براك على كافة المسؤولين، ولكن نحن كنواب مستقلين وتغييريين لم تشملنا هذه التحركات واللقاءات، ولا نعرف ما هي الأجواء وما حصل.
■ بيروت تايمز: لماذا لم تشملكم هذه اللقاءات، برأيكم؟
- أنا أعتبر أن الخلافات اللبنانية هي شأن داخلي، مع احترامي لكل الدول التي تتدخل. أنا ضد التدخلات الخارجية في الشأن اللبناني من أي جهة كانت، لأن موضوع حصرية السلاح هو شأن داخلي، وحصر هذا السلاح يجب أن يكون بيد الدولة اللبنانية والقوى العسكرية الأمنية اللبنانية، ولكن هذا الموضوع يتطلب حوارًا داخليًا وليس بالفرض.
■ بيروت تايمز: هل أنتم مع حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية؟
لنكن واضحين وصادقين مع أنفسنا ومع شعبنا: لا يمكن أن تُبنى دولة القانون والمؤسسات بوجود سلاح خارجها. لكننا لا ندعو إلى المواجهة، بل إلى الحوار، والتفاهم، والعودة إلى مرجعية الدولة الواحدة. لا نريد فتنة ولا اقتتالًا، بل نريد دولة قوية تحضن الجميع وتحمي الجميع.
■ بيروت تايمز: لكن البعض يعتبر أن حصر السلاح مرتبط بالخارج، ما موقفكم من ذلك؟
- أنا أعتبر موضوع حصر السلاح هو شأن داخلي. لا المسؤولين الأميركيين يتحدثون معنا في الموضوع، ولا حتى المسؤولين اللبنانيين. لذلك، نحن ليس لدينا أي فكرة عن صورة الردود على هذه الأوراق والردود المتبادلة التي تحصل.
■ بيروت تايمز: لماذا دور التغييريين مغيّب اليوم برأي سعادتكم؟
- ليس فقط نواب التغييريين دورهم مغيب، بل جميع نواب المستقلين أيضًا دورهم مغيب. وسيأتي الوقت الذي سنذكر فيه كل التفاصيل التي قمنا بها، وكلّه موثّق: من دورنا التشريعي، وماذا قدمنا من اقتراحات قوانين، إلى دورنا الرقابي في محاسبة الحكومة وتقديم الطعون إلى المجلس الدستوري.
■ بيروت تايمز: لكن الإعلام لا يوجّه الضوء على هذه الإنجازات، لماذا؟
- لأن الإعلام دائمًا يوجّه سهامه على الأشخاص الذين يملكون نظافة الكف، وينسى أغلبية الكتل التي شاركت في الحكم بالسنوات السابقة، وهي المنظومة التي حكمت البلد في الثلاثين سنة الماضية.
■ بيروت تايمز: كيف تقرأون المرحلة المقبلة؟ وهل تتخوّفون من حرب إسرائيلية شاملة على لبنان؟
- أرى أن هناك بصيص أمل، ولست متشائمًا، وعلينا أن لا ننسى الشباب والصبايا الذين كلّهم مشروع هجرة. يجب أن يبقى الأمل هو الطريق الصحيح لدى جميع اللبنانيين. يوجد قسم كبير من الصبايا والشباب يتمنّون العودة إلى لبنان. انتخاب الرئيس جوزاف عون، وخطاب القسم، والبيان الوزاري أعطونا جرعة أمل.
■ بيروت تايمز: ما هي رسالتكم إلى شباب وصبايا لبنان؟
رسالتي الأخيرة إلى شباب وصبايا لبنان عبر بيروت تايمز: نعم، نحن نعلم أنكم فقدتم الثقة. نعلم أن كثيرين منكم غادروا، وأن كثيرين يفكّرون بالمغادرة، لكننا نقول لكم: لا تُسلّموا هذا الوطن لمن خذلوه، ولا تتركوا الميدان لليأس. أنتم القوة التغييرية الحقيقية. ابقوا هنا، قاوموا بوعيكم، بأصواتكم، بسلميتكم، فلبنان لا يقوم إلا بكم، لا بالقوة ولا بالطائفية، ولا بالمحاصصة، بل بالشباب النظيف، المؤمن، المصمم على التغيير.
Comments