bah فادي السمردلي يكتب: القيادة صوت الضمير لا صدى المنابر* - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

فادي السمردلي يكتب: القيادة صوت الضمير لا صدى المنابر*

07/29/2025 - 05:03 AM

absolute collision

 

 

 

بقلم فادي زواد السمردلي

 

* # اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود

 

قيادة المشهد لايعني انك الفهمان الأوحد فالقيادة وعي وليست استعراض ففي بيئات العمل، والمجتمعات، وحتى ضمن الفرق الصغيرة، كثيرًا ما تختلط الأدوار وتتشوش المفاهيم، فيظن من يتصدر المشهد أو يتحدث باسم الجماعة، أنه القائد الأوحد، وأنه صاحب الفضل المطلق في كل نجاح يتحقق غير أن هذا التصور بعيد كل البعد عن جوهر القيادة الحقيقية، بل يعكس فهمًا سطحيًا قائمًا على المظاهر لا على المعنى العميق للقيادة فأن تقود المشهد لا يعني أنك القائد الأوحد، تمامًا كما أن الممثل الرئيسي في الفلم او المسرحية لا يصنع العرض وحده، بل يقف على أكتاف فريق كامل من المبدعين خلف الستار.

القيادة لا تُقاس بمقدار الظهور، بل بمقدار التأثير فأن تتحدث كثيرًا، أن تتصدر الاجتماعات، أن تتخذ قرارات مصيرية، لا يجعلك بالضرورة القائد الحقيقي إذا لم تكن قادرًا على احتواء الآخرين، وإدماجهم، وتحفيزهم على المساهمة الفعالة فالقائد الأصيل يعرف متى يتراجع ليُفسح المجال لغيره، ويؤمن أن توزيع الأدوار لا ينتقص من سلطته، بل يعزّزها ويكسبه احترامًا حقيقيًا، لا احترامًا زائفًا مبنيًا على الخوف أو المجاملة.

في كثير من الأحيان، يكون من يقف خلف القائد الظاهر هو من يحمل عبىء التخطيط، ومن يبذل الجهد الصامت، ومن يضبط الإيقاع العام دون أن يطالب بشكر أو تصفيق فهؤلاء القادة غير المرئيين هم ركيزة النجاح، وهم من يصنعون الفارق الحقيقي، حتى إن لم تُكتب أسماؤهم في الصفحات الأولى لذلك، فإن اختزال القيادة في شخص واحد يُعد تقصيرًا في فهم طبيعة الإنجاز، وإلغاءً غير مبرر لجهود الآخرين.

والمؤسف أن بعض من يتصدرون المشهد ينساقون خلف وهج الأضواء، ويغفلون عن هذه الحقيقة، فينغلقون على أنفسهم، ويُحكمون قبضتهم على التفاصيل، فيتحول المشروع من مساحة عمل جماعي إلى مسرح لاستعراض الذات.ومع الوقت، تبدأ الانهيارات البطيئة لأن من حولهم يشعرون بالتهميش، فتخفت الحماسة، ويضعف الانتماء، وتتحول القيادة إلى عبىء ثقيل يتهاوى بمجرد غياب من كان يظن نفسه "الأوحد".

القيادة الحقيقية تتطلب نضجًا، وشجاعةً في الاعتراف بفضل الآخرين، ووعيًا بأن القوة لا تعني التفرد، بل تتجلى في القدرة على بناء منظومة متكاملة، تتشارك المسؤولية، وتحتفل بالنجاح معًا فأن تقود المشهد ليس أكثر من دور مؤقت، أما أن تكون قائدًا حقيقيًا، فهو اختيار مستمر، قائم على الأخلاق، والتواضع، والقدرة على رؤية الآخرين لا كظل لك، بل كأضواء مكملة لمسيرتك.

في النهاية، إذا وجدت نفسك في موقع الصدارة، فاسأل نفسك دائمًا هل أنا فعلاً القائد، أم مجرد من يقود المشهد مؤقتًا؟ القيادة ليست مظهرًا ولا لحظة ظهور، بل أثر يُترك في الناس، وعمل يُبنى بهم، لا فوقهم.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment