bah الأردن يحسم المواجهة مع جماعة الإخوان المسلمين ويفكك شبكتها الإعلامية والتنظيمية - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الأردن يحسم المواجهة مع جماعة الإخوان المسلمين ويفكك شبكتها الإعلامية والتنظيمية

08/03/2025 - 03:06 AM

Bt adv

 

 

عمان - الاردن - بيروت تايمز - تحليل اخباري من اعداد الاعلامي جورج ديب

في تطور جديد نُشر اليوم، أعلنت هيئة الإعلام الأردنية حل شركة إعلامية وأخرى متخصصة بأمن المعلومات، ضمن سلسلة إجراءات تهدف إلى تفكيك المصالح المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، كما أصدرت الهيئة تعميمًا رسميًا يمنع أي وسيلة إعلامية من نشر أو بث أو إعادة نشر أو التعامل بأي شكل مع الجماعة، سواء عبر الصحف أو القنوات أو المنصات الرقمية. وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية حذّرت كذلك من الترويج أو التعليق أو المشاركة في محتوى مرتبط بالجماعة على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن ذلك يُعد مخالفة قانونية تستوجب المساءلة.

الحكومة الأردنية، التي لطالما حافظت على توازن دقيق في علاقتها مع الجماعة، اختارت الحسم في ظل تغيرات إقليمية متسارعة، خاصةً في العلاقة مع حركة حماس، والتوترات الأمنية الداخلية. وزير الداخلية الأردني أكد أن القرار ليس موجّهًا ضد أي تيار فكري، بل ضد تنظيم غير مرخص يعمل خارج إطار الدولة ويهدد استقرارها.

هذه الإجراءات أثارت جدلًا واسعًا حول مستقبل المعارضة السياسية في الأردن، خاصةً أن الذراع السياسي للجماعة لا يزال فاعلًا في المشهد الحزبي. كما أن تفكيك الشبكة الإعلامية يطرح تساؤلات حول حرية التعبير وحدود العمل الصحفي في ظل التوترات الأمنية، ما يجعل من هذه المرحلة مفصلًا حاسمًا في العلاقة بين الدولة الأردنية والتيارات الإسلامية ذات الامتداد الإقليمي.

وكانت الحكومة الأردنية أعلنت في أبريل 2025 الحظر الكامل لجماعة الإخوان المسلمين، معتبرةً أن أي نشاط لها أو ترويج لأفكارها يُعد مخالفة قانونية تستوجب المساءلة. القرار جاء بعد سنوات من التوتر القانوني والتنظيمي، حيث كانت الجماعة قد فُككت قضائيًا عام 2020 لكنها واصلت نشاطها عبر واجهات متعددة، أبرزها حزب جبهة العمل الإسلامي الذي لا يزال يحتفظ بشرعيته القانونية.

التحرك الأردني لم يقتصر على الحظر التنظيمي، بل امتد إلى تفكيك ممنهج لشبكة إعلامية يُشتبه بارتباطها بالجماعة، في إطار ما وصفته السلطات بـ "حماية الأمن الوطني من التنظيمات غير المرخصة". من أبرز الإجراءات التي اتُخذت، تصفية شركة دار السبيل للصحافة والتوزيع، التي واجهت خسائر مالية ضخمة ورفضت الإفصاح عن المستفيد الحقيقي من نشاطها، إلى جانب ملاحقة شركات إعلامية وأمن معلومات لم تكشف عن مالكيها الحقيقيين، وتمت إحالتها إلى النيابة العامة. كما أعلنت جمعيات ذات طابع إعلامي وتنظيمي، مثل الجمعية في منطقة عين الباشا، حل نفسها طوعًا وسط ضغوط حكومية متزايدة.

في منتصف أبريل، كشفت الأجهزة الأمنية الأردنية عن خلية تخريبية مكونة من 17 شخصًا، يُزعم أنهم تلقوا تدريبات في جنوب لبنان على تصنيع صواريخ وطائرات مسيّرة، بهدف تنفيذ عمليات داخل الأردن. أحد المتورطين كان عضوًا في البرلمان، ما أثار جدلًا واسعًا حول الذراع السياسي للجماعة. الاعترافات أظهرت وجود دعم مالي ولوجستي من شخصيات مرتبطة بالجماعة، واستخدام شركات وهمية لتخليص معدات تقنية، بعضها يُعتقد أنه مرتبط بأنشطة إعلامية أو دعائية.

التحقيقات كشفت أيضًا عن شبكة مالية غامضة يُعتقد أنها موّلت أنشطة إعلامية ودعائية للجماعة، عبر تحويلات خارجية وواجهات تجارية، فيما وصفته السلطات بمحاولة لتوسيع النفوذ التنظيمي تحت غطاء مؤسسات إعلامية وخدمية.

في ضوء هذه التطورات، يبدو أن الدولة الأردنية قد اختارت نهجًا حاسمًا في التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين، متجاوزةً مرحلة التوازن التقليدي نحو تفكيك كامل للبنية التنظيمية والإعلامية للجماعة. هذا التحول لا يعكس فقط تغيرًا في أولويات الأمن الوطني، بل يشير إلى إعادة رسم العلاقة بين الدولة والتيارات الإسلامية ذات الامتداد الإقليمي، في ظل تصاعد التهديدات العابرة للحدود وتداخل الأجندات السياسية والدينية. ومع أن الإجراءات الحكومية قد تُفسَّر على أنها تضييق على الحريات، إلا أنها في نظر صانعي القرار تمثل ضرورة استراتيجية لضمان الاستقرار الداخلي، خصوصًا في ظل هشاشة الإقليم وتنامي النفوذ الإعلامي غير المنضبط. يبقى التحدي الأكبر في قدرة الدولة على التمييز بين المعارضة السياسية المشروعة والتنظيمات التي تتجاوز منطق الدولة الوطنية، وبين ضبط الخطاب الإعلامي دون المساس بحرية التعبير التي تُعد من ركائز الشرعية السياسية الحديثة.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment