رئيس الحكومة نواف سلام في ذكرى 4 آب: لا أحد فوق المحاسبة
بلاسخارت التضامن مع جميع المتضرّرين من انفجار مرفأ بيروت، "الذين لا يزال عدد كبير منهم يسعى بشجاعة لتحقيق العدالة".
أمن الدولة: نستذكر شهداءنا وسنبقى ملتزمين بحماية الوطن فوقَ الآلام
الحشيمي: انفجار مرفأ بيروت لم يكن قضاء وقدرا بل جريمة موصوفة
السفارة البريطانية: عائلات الضحايا تستحق العدالة
بيروت - منى حسن - بيروت تايمز
تحل الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، وسط استمرار غياب العدالة وتعثر التحقيقات القضائية، حيث يبرز مجددًا السؤال المحوري: "متى يصدر القرار الظني؟". ورغم مرور خمس سنوات على الكارثة التي أودت بحياة أكثر من مئتي شخص وخلّفت دمارًا واسعًا في العاصمة اللبنانية، لا يزال أهالي الضحايا ينتظرون كشف ملابسات الانفجار وتحديد المسؤوليات. وفي خطوة رمزية، أعلنت الدولة اللبنانية إطلاق اسم "شارع ضحايا 4 آب" على أحد الشوارع المحاذية للمرفأ، في محاولة لتكريس الذكرى في الذاكرة الوطنية.
وفي سياق إحياء المناسبة، نُكّس العلم اللبناني صباح اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا، التزامًا بالحداد الوطني الذي أُعلن في هذه الذكرى.
تأجيل العدالة ورمزية التسمية
يعكس التأخير المستمر في إصدار القرار الظني في قضية انفجار المرفأ أزمة ثقة متفاقمة بين المواطنين والمؤسسات القضائية، ويطرح تساؤلات جدية حول استقلالية القضاء وقدرته على مواجهة الضغوط السياسية والطائفية. فبعد خمس سنوات من الانتظار، بات الغياب القضائي يُقرأ كإمعان في طمس الحقيقة، لا سيما في ظل تعاقب القضاة وتجميد التحقيقات بفعل دعاوى الردّ والتدخلات المتكررة.
في المقابل، تحمل تسمية "شارع ضحايا 4 آب" دلالة رمزية مزدوجة: فهي من جهة محاولة رسمية للاعتراف بالوجع الجماعي وتخليد ذكرى الضحايا في الفضاء العام، ومن جهة أخرى قد تُفسَّر كبديل رمزي عن العدالة الغائبة، وكأن الدولة تكتفي بإحياء الذكرى دون تقديم إجابات حاسمة أو محاسبة فعلية. وبين الرمزية والواقع، يبقى مطلب الحقيقة والمساءلة هو العنوان الأبرز لهذه الذكرى.
نواف سلام: لا أحد فوق المحاسبة
خلال مراسم افتتاح "شارع ضحايا 4 آب"، شدّد رئيس الحكومة نواف سلام على أنّ "لا أحد فوق المحاسبة" في قضية انفجار المرفأ، داعيًا إلى رفع اليد عن القضاء وتركه يعمل باستقلالية كاملة. وقال:
وأضاف سلام أن مواجهة ثقافة الإفلات من العقاب هي نقطة البداية لأي إصلاح حقيقي، مشددًا على أن العدالة ليست مطلبًا خاصًا بل قضية وطنية جامعة.
"انفجار الرابع من آب لم يكن مجرد كارثة إنسانية، بل لحظة صادمة انكشفت فيها الثغرات العميقة في حياتنا العامة وفي منظومة المساءلة". "فلنجعل من الرابع من آب خاتمةَ زمن الإفلات من العقاب، وبدايةَ زمن دولة الحق والقانون والعدالة".
وزير الداخلية والبلديّات
اعتبر وزير الداخليّة والبلديّات أحمد الحجّار أنّ "المسار القضائي في تحقيقات المرفأ هو مسار قضائي بحت وهو مستقلّ عن كلّ ما يحصل في الحكومة وعن الملفّات السياسية".
وأشار الحجار، خلال زيارة له إلى مقرّ فوج إطفاء بيروت، إلى أنّ "الحكومة ملتزمة بمبدأ العدالة ونحن بانتظار القرارات القضائيّة والحكومة ستكون جديّة بتنفيذ هذه القرارات ونأمل ظهور الحقيقة قريبًا"، مضيفًا أنّ "التعاون سيكون كاملًا مع وزارة العدل وصولاً للحقيقة الكاملة ولا يمكن بناء دولة من دون أن يكون سيف العدل فوق الجميع".
وقال: "نجدّد تمنّي الرحمة لشهداء مرفأ بيروت وفوج الإطفاء ونتمنّى أن تكون هذه الدماء حافزاً لإعادة بناء لبنان على أسس جديدة مبنيّة على العدالة ولمزيد من التكاتف"، لافتاً إلى أنّ "التعويض المادي غير مهمّ فالمهمّ هو إحقاق الحق وأقول لأهالي الشهداء "وجعكم هو وجعنا" وجميعنا بانتظار ظهور الحقيقة".
جينين هينيس-بلاسخارت
عبّرت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس-بلاسخارت عن تضامنها مع جميع المتضرّرين من انفجار مرفأ بيروت، "الذين لا يزال عدد كبير منهم يسعى بشجاعة لتحقيق العدالة".
وشددت بعد لقائها الأسبوع الماضي مع عائلات بعض الضحايا، على أنّ "التقدّم في المسار القضائي بات ضرورةً لا تحتمل مزيدا من التأجيل".
وقالت: "بعد مرور خمس سنوات، لا تزال المأساة تتفاقم مع الغياب الفادح للعدالة. فالضحايا، والناجون، وعائلاتهم، يستحقون المحاسبة الكاملة. ويستحقونها الآن".
وفيما رحّبت بالزخم الأخير في مسار التحقيق، وبالخطوات الإيجابية نحو تعزيز مؤسسات الدولة، أكدت هينيس-بلاسخارت "ضرورة أن تعمل الحكومة كل ما يلزم لتسريع الإجراءات القضائية المرتبطة بالانفجار".
كما هنأت البرلمان اللبناني على إقرار قانون استقلالية القضاء، معتبرةً أنّه مساهمة مهمّة في إعادة بناء الثقة بين الشعب اللبناني والمؤسسات التي أقيمت لخدمته.
أمن الدولة
قالت المديرية العامة لأمن الدولة في بيان، لمناسبة الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، "نستذكر شهداءنا من عسكريين ومدنيين، وسنبقى ملتزمين بحماية الوطن فوقَ الآلام".
النائب بلال الحشيمي
ورأى النائب الدكتور بلال الحشيمي، ان "انفجار مرفأ بيروت لم يكن قضاءً وقدرًا، بل جريمة موصوفة"، وقال في بيان: "خمس سنوات على الجريمة... ولا عدالة! في مثل هذا اليوم، ٤ آب ٢٠٢٠، انفجرت بيروت... فُجع لبنان، وسقطت عاصمته في مشهد يختصر الإهمال، واللامسؤولية، والاستهتار بكرامة الإنسان. مدينةٌ بكاملها تحطّمت، مئات الشهداء والجرحى، آلاف البيوت المدمّرة، وجرحٌ مفتوح في قلب الوطن... جرح لم تندمل آثاره، لأن الحقيقة لم تظهر، والعدالة لم تتحقق. خمس سنوات مضت، وما زالت الدولة عاجزة عن قول الكلمة الفصل. خمس سنوات من التحقيقات المعلّقة، القضاة المعزولين، الملفات المجمّدة، والمجرمين المحميّين بحصانات سياسية وطائفية، وبمنطق "الممنوع المسّ به".
وتابع: "الانفجار لم يكن قضاءً وقدرًا. بل جريمة موصوفة، أبطالها الإهمال والتواطؤ، وبيئتها الفساد المزمن، ونتيجتها دماء بريئة سقطت ظلماً، وعدالة مفقودة. اليوم، باسم الشعب، باسم الحقيقة، باسم الشهداء: نرفع الصوت عاليًا: من المسؤول؟ يجب أن يُحاسب. لا أحد فوق المحاسبة. لا حصانات، لا أعذار، لا صفقات. إن الاستمرار في دفن الحقيقة هو قتلٌ ثانٍ للضحايا. وكل من يصمت، أو يماطل، أو يساير، أو يساوم على دماء الناس، هو شريك في الجريمة، عن قصد أو عن جبن. وفي المقابل، لا بد من كلمة حق: أتوجه بالشكر إلى الحكومة اللبنانية، التي تسعى – بحسب ما أعلنه دولة رئيس الحكومة – إلى إعادة إحياء مسار العدالة، وكشف الحقيقة كاملةً، دون مساومة ولا تمييع. وأثمّن قول دولته: "السلام لا يُبنى إلا على العدالة، والحق لا يُدفن. هذه خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها لا تكفي. فالشعب لا يريد كلمات... بل يريد نتائج. أخيرًا...رحم الله شهداء ٤ آب، وكل التضامن مع أهاليهم، وكل الغضب في وجه منظومة ما زالت تقتلنا كل يوم بالفساد والإفلات من العقاب. بيروت لن تنسى...ولبنان لن يسامح".
نستذكر شهداءنا من عسكريين ومدنيين، وسنبقى ملتزمين بحماية الوطن فوقَ الآلام.
السفارة البريطانية
كتبت السفارة البريطانية في لبنان عبر منصة "اكس": "يُنكس علمنا اليوم حدادًا على مأساة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، الساعة 6:07 مساءً. عائلات الضحايا تستحق العدالة والمساءلة والحقيقة. تواصل المملكة المتحدة دعوتها إلى المساءلة وتحقيق شفاف وسريع".
مرفأ بيروت
أعلنت ادارة مرفأ بيروت التوقّف عن العمل عند الساعة السادسة مساء اليوم، في الذكرى الخامسة للانفجار، وذلك وقوفاً دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء الانفجار.
وفي هذه اللحظة الرمزية، ستُطلق البواخر صافراتها، وترفع الرافعات إلى الأعلى، في تحية وفاء وصمت يُجسّد عمق الجرح الوطني في هذه الذكرى الأليمة"، وفق بيان لرئيس مجلس الإدارة المدير العام لمرفأ بيروت، عمر عيتاني.
Comments