bah العدالة الغائبة في سوريا: جرائم القتل تُعيد إنتاج الفوضى والانقسام - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

العدالة الغائبة في سوريا: جرائم القتل تُعيد إنتاج الفوضى والانقسام

08/05/2025 - 00:11 AM

Bt adv

 

 

 

كتب جورج ديب

تتسارع وتيرة جرائم القتل والتصفية الجسدية في مختلف المناطق السورية، في ظل ما وصفه المرصد السوري لحقوق الإنسان بـ"الانهيار المتواصل للمنظومة الأمنية"، وانتشار السلاح العشوائي، ما يجعل حياة المدنيين رهينة لصراعات طائفية وسياسية، ومجرد أرقام في مشهد دموي مفتوح على الفوضى.

وأكد المرصد في تقرير حديث أن القتل على التراب السوري بات حدثًا متكررًا لا يثير سوى الذعر، مشيرًا إلى تداخل معقّد في دوافع الجرائم، من نزاعات شخصية وثأرية، إلى خلفيات طائفية وانتقام سياسي، وسط غياب شبه تام للعدالة وانعدام المحاسبة.

وفي حصيلة صادمة، وثّق المرصد خلال 72 ساعة فقط مقتل وإصابة 12 مدنيًا في محافظات سورية متعددة، من خلفيات طائفية واجتماعية مختلفة. وشملت الحالات ضحايا على خلفية انتماءات أو ارتباطات سابقة بالنظام، إلى جانب تصفيات نُسبت إلى عناصر أمنية، بعضها تم بشكل علني وأمام مرأى السكان، وبعضها الآخر في ظروف غامضة لم تُستكمل فيها التحقيقات.

وحذّر المرصد من أن هذه الجرائم المتصاعدة تعكس اتساع رقعة العنف في البلاد، وتُسهم في تغذية مناخ انتقامي يُهدد ما تبقى من السلم الأهلي، لا سيما في ظل صمت رسمي مطبق، وغياب أي خطوات ملموسة من السلطات لملاحقة الجناة أو اتخاذ إجراءات رادعة. وأشار التقرير إلى أن استمرار القتل دون محاسبة يُكرّس شعورًا بالحصانة لدى الجناة، ويُسهم في تعزيز مناخ من الفوضى يُضعف ما تبقى من مؤسسات الدولة، مؤكدًا أن الإفلات من العقاب بات السمة الأبرز للمشهد السوري الحالي.

ودعا المرصد مجددًا إلى تحرك دولي ومحلي عاجل لحماية المدنيين، ووقف مسلسل التصفية خارج القانون، محذرًا من أن تجاهل هذه الجرائم لن يؤدي سوى إلى المزيد من الانهيار المجتمعي، ويفتح الباب أمام موجات جديدة من العنف والاقتتال الداخلي.

وبحسب توزيع الجرائم الأخيرة، سجلت محافظة حلب أربع حالات استهداف لرجال، بينهم مصاب واحد، فيما شهدت حماة مقتل رجل في عملية أمنية داخل إحدى القرى. وفي ريف دمشق، قُتل ثلاثة رجال في ظروف مختلفة، أحدهم على يد دورية أمنية أثناء مروره بسيارته. كما وثّق المرصد مقتل رجل في حمص، وآخر في اللاذقية، إضافة إلى شاب في العاصمة دمشق، دون أن تُستكمل التحقيقات في ظروف مقتله.

تُظهر هذه الجرائم المتصاعدة أن سوريا لم تخرج بعد من دوامة العنف، بل دخلت مرحلة أكثر تعقيدًا من التصفيات الفردية والانتقام الطائفي، في ظل غياب الدولة كمرجعية قانونية وأمنية. فالإفلات من العقاب لا يهدد فقط حياة المدنيين، بل يُعيد إنتاج مناخ الحرب الأهليّة بصيغة جديدة، حيث يتحول القتل إلى أداة لتصفية الحسابات، ويُستبدل القانون بمنطق القوة والولاء. وفي ظل هذا الانهيار، تبدو مؤسسات الدولة عاجزة عن فرض أي نوع من الردع أو العدالة، ما يُنذر بانهيار مجتمعي أعمق، ويفتح الباب أمام موجات جديدة من النزوح، والتطرف، والاقتتال الداخلي، في بلد لم يبرأ بعد من جراحه.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment