bah حين يصبح الاختلاف خيانة في سوريا - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

حين يصبح الاختلاف خيانة في سوريا

08/08/2025 - 15:18 PM

Prestige Jewelry

 

 

رامز الحمصي

 

يُعدّ النقد البناء والاختلاف في الرأي ركيزة أساسية لأي مجتمع صحي وديمقراطي. فمن خلال تباين وجهات النظر، تتفتح آفاق جديدة للفهم، وتتطور الحلول، وتتعزز المساءلة. إلا أن ما يثير القلق في الآونة الأخيرة داخل سوريا هو تحول هذا الاختلاف المشروع إلى ساحة لتصفية الحسابات، وتوجيه اتهامات بالخيانة والعمالة لكل من يجرؤ على انتقاد السلطة أو التعبير عن رأي مخالف. هذا التحول الخطير يهدد حرية التعبير، بل ويمزق النسيج الاجتماعي ويقوض أسس الوحدة الوطنية التي بنيت بجهود وتضحيات مشتركة.

إن استخدام مصطلحات "أعداء الأمس" لوصف كل من خالف الرأي وانتقد السلطة اليوم، هو أمر محزن ومقلق للغاية. فكأننا نستعيد سرديات نظام الأسد البغيضة التي كانت تستخدم لتكميم الأفواه وقمع الحريات. إن هذه الممارسات لا تفرق بين المعارض السياسي البناء والخائن الحقيقي، مما يؤدي إلى تشويه صورة المعارضة الوطنية وتجريدها من شرعيتها.

يجب أن نتصالح مع حقيقة أن وجود أشخاص يختلفون مع السلطة في الفكر والسياسة والمشروع ليس بالضرورة علامة على الخيانة أو عدم الولاء. بل على العكس، قد يكون هذا الاختلاف دليلاً على حيوية المجتمع وقدرته على التفكير النقدي. إن الوطنية والإخلاص للبلد لا تقاس بمدى التوافق مع الرأي الرسمي، بل بمدى الحرص على مصلحة الوطن والمواطنين، والسعي لتحقيق التقدم والازدهار، حتى لو تطلب ذلك طرح أفكار مغايرة أو انتقاد سياسات قائمة.

إن استحضار سردية بشعة كنّا ضحاياها بالأمس القريب، هو ناقوس خطر يجب أن نأخذه على محمل الجد. فالتاريخ يعلمنا أن قمع الأصوات المختلفة وتصنيفها كأعداء يؤدي حتماً إلى تفكك المجتمع وتراجع الحريات. لذا، يجب علينا أن نتحلى بالحكمة والوعي، وأن ندرك أن قوة الأوطان تكمن في تنوع آرائها وقدرتها على احتواء جميع أبنائها، حتى أولئك الذين يختلفون في الرأي. فالاختلاف ليس خيانة، بل هو وقود للتطور والتقدم، وعلينا أن نحميه ونعززه بدلاً من قمعه وتجريمه.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment