تحليل إخباري - من اعداد الاعلامي جورج ديب
في ظل تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية، يضع الجيش اللبناني اللمسات الأخيرة على خطة أمنية شاملة لحصر السلاح بيد الدولة، في خطوة وُصفت بأنها مفصلية في مسار استعادة السيادة وتثبيت الاستقرار الداخلي. الخطة، التي تُحضّر بهدوء بعيدًا عن الأضواء، من المتوقع أن تُعرض في أول جلسة حكومية مخصصة لهذا الغرض، المرجّح عقدها يوم الثلاثاء في الثاني من أيلول، إلا إذا استجد طارئ يوجب تقديمها إلى الخميس في الرابع منه.
الخطة الأمنية ستكون ممتدة على أربع مراحل أو أكثر، تبدأ من الرقعة الممتدة حتى نهر الأولي، وتتوسع تدريجيًا وفق معيار جغرافي مدروس. هذا التسلسل يهدف إلى تفكيك البؤر المسلحة بطريقة تدريجية، تضمن الحد الأدنى من الاحتكاك، وتراعي التوازنات الدقيقة في المناطق الحساسة.
رغم الطموح الواضح في تحديد مهل زمنية لكل مرحلة، تطرح مصادر مطلعة علامات استفهام كبيرة حول قدرة الجيش على الالتزام بهذه الجداول، خصوصًا أن ورقة المبعوث الأميركي توم باراك اقترحت إنجاز المهمة خلال أربعة أشهر، بينما استغرقت عملية ضبط السلاح جنوب الليطاني وحدها نحو ثمانية أشهر. هذا التباين يسلّط الضوء على الفجوة بين التخطيط النظري والواقع الميداني، ويثير تساؤلات حول مدى جاهزية الدولة لتطبيق الخطة في ظل الانقسامات السياسية والتعقيدات الأمنية.
من اللافت أن الخطة لا تبدأ بالسلاح الفلسطيني، رغم كونه أحد أبرز الملفات الشائكة. فالمصادر تشير إلى أن تعقيد هذا الملف، المرتبط بالمخيمات الفلسطينية، لا يسمح بفتحه في المرحلة الأولى، تفاديًا لأي انفجار أمني أو توتر داخلي قد ينسف مسار الخطة برمّته.
القرار الحكومي بتكليف الجيش بحصر السلاح، بما فيه سلاح "حزب الله"، أثار ردود فعل متباينة. فقد اعتبر الحزب أن الحكومة ارتكبت "خطيئة كبرى"، بينما دعت "حركة أمل" إلى "تصحيح" الموقف خلال الجلسة المرتقبة، محذّرة من تقديم "تنازلات مجانية" للعدو الإسرائيلي. هذا الانقسام يعكس هشاشة التوافق الوطني حول قضية السلاح، ويضع الحكومة أمام اختبار حقيقي في قدرتها على فرض القرار دون تفجير التوازنات الداخلية.
خطة الجيش لحصر السلاح تمثل محاولة جريئة لإعادة ضبط المشهد الأمني اللبناني، لكنها تصطدم بجملة من التحديات: الزمن، الجغرافيا، التعقيدات السياسية، والمواقف المتباينة من القوى الفاعلة. نجاحها يتطلب ليس فقط إرادة سياسية جامعة، بل أيضًا غطاءً دوليًا واضحًا، واستراتيجية تواصل شفافة مع المواطنين والمجتمع المدني.
Comments