bah كيف نصلُ إلى ميناءِ الأمان في لبنان؟ - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

كيف نصلُ إلى ميناءِ الأمان في لبنان؟

08/31/2025 - 13:49 PM

Bt adv

 

 

الخوري الدكتور نبيل مونس *

 

ما زلنا نحلمُ ونأملُ، لأننا أبناءُ الرجاءِ، وأبناءُ هذه الجبالِ، وأحفادُ شواطئِنا الفينيقيّة التي حملتْنا إلى العالميّة، وغرستْ فينا الرجاءَ الدائمَ، كما علّمنا البروفيسور الأب جوزيف مونس.

على شواطئَ لبنان، نترقّب لقاءَ إنسانٍ جديدٍ، وإبحارًا جديدًا على مركبٍ من مراكبِ الحياة، يقودُنا إلى عالمٍ أفضل. فالوطنُ ليس سجنًا ولا قبرًا، ونحن لسنا حفّاري قبور، كما علّمنا نبيُّنا الشجاع جبران خليل جبران، ابنُ جبلِ الأرزِ الشامخِ، العريقِ في جذورِ الأرضِ والروح.

مضى اكثر من خمسون سنةً ونحن نبحثُ عنِ الخلاصِ النهائيّ للبنان، نحلمُ بالسلامِ، ونترقّبُ الوصولَ إلى ميناءِ الأمانِ. لكنّ الغدرَ والحسدَ والجهلَ والاستهتار، فجّرَ لنا الميناءَ في بيروت. اعتُبر أفظعَ انفجارٍ، نصفَ نوويٍّ، جعلَ المدينةَ تصرخُ كما صرخَ نزار قباني: "يا ستّ الدنيا يا بيروت".

ومع ذلك، لا يجوزُ أن نخضعَ من جديدٍ، ولا أن نتراجعَ، أو نسقطَ في إحباطٍ مرضيّ. لذلك، نؤكّد من جديد، أنّ الحقّ الصحيحَ لا يموتُ ولا يُقهرُ، حتى ولو تبدّلتِ الرياحُ والأذهانُ والكلماتُ.

فلنقفْ عند الشاطئِ، ولنصعدْ إلى مركبٍ شراعُه عباءةُ راهبٍ لبنانيّ كرّس حياتَه وفكرَه وإلهامَه من أجلِ خلاصِ الإنسانِ في لبنان. معه تحيا الأرضُ والروح، وتعودُ سماءُ لبنان وشواطئُه ملتقىً للإبداع والعطاءِ والخلاص.

الخلاصُ قريبٌ، وهو معطى لنا في كتاب الأب البروفيسور يوسف مونس، حيث قدّمَ رؤيةً تحليليّةً تاريخيّةً أنثروبولوجيّةً لروحِ لبنان في كلّ جزئيّاتها. فقد بيّنَ أنّ ركائزَ الشخصيّة اللبنانيّة السياديّة وحدَها، قادرةٌ على أن تنتزعَ لبنان من شدقِ القرشِ الذي يقبضُ على ترابِه وعنقِه في لحظةِ اللهو أوِ التخلّي، على شواطئ الحبّ والسلامِ قبالة بيروت وصور وصيدا وطرابلس.

من هنا، نتذكّرُ أنّ الإغريق خطفوا أوروبا على شواطئ صور، وأن قرطاجة قامتْ بحضارتِها العظيمةِ التي أعطتْ هنيبعل، القائدَ الذي اعترفَ نابوليون نفسُه بعظمتِه. وعلى أرضِ لبنان، انحنى الـ Homo Sapiens، الإنسانُ العاقلُ، في مغائر صيدا، وحملَ قدموس الحرفَ إلى شواطئِ العالم من مرفأِ جبيل، مدينةِ الكتابِ والآلهة. أمّا بيروت، فبقي ميناؤها الدّامع يصرخُ: أين العدالة؟ أين الحكم؟ مَن يُدافع عنِ الأبرياء؟ ومَن يذكّرُ الشعوبَ بأنّ من هنا انطلقتِ العدالةُ وعلومُها إلى العالمِ فوق البحار؟

إن مفاتيحَ الروحِ اللبنانيّة تكمُن في العودةِ إلى الركائزِ الإنسانيّة العميقةِ لروحِنا، وفي قراءةِ هذه الحقيقةِ وتعليمِها من جديد. فالكتاب المقدّس يقول: "الروح يهبّ حيث يشاءُ". واليوم، الروح فيكم، يا أبناءَ لبنان الجريح. الفكرُ معكم، والرهبان ولبنان نفسُه رسالةٌ مقدسة.

فكيف نحافظُ عليها؟

بأن لا نُفرغ لبنان من وجودِنا، من صلواتِنا، من المسامحةِ والمشاركةِ، من النقاشِ والحكم والقداسةِ. فحتى وإنِ ابتعدنا، لبنان فينا.

لبنان الروح باقٍ.

قلبُ لبنان في قلوب أبنائه، وأعظم من هذا كلّه، أنه في القلب الإلهيّ

 

* الخوري الدكتور نبيل مونّس مؤسّس اللجنة اللاهوتيّة للسّلام في لبنان

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment