مصادر ديبلوماسية لـ "بيروت تايمز " وصفت جلسة حصر السلاح بأنه نقطة ذهبية اضافية سجلها العهد والحكومة معا
مرجع سياسي لـ " بيروت تايمز": نحن أمام وضع ينبغي أن نبحث فيه كيف يربح لبنان ونربح معه، لا أن نخضع لرغبات او إملاءات من هنا وهناك لغير مصلحة لبنان
بيروت - منى حسن - بيروت تايمز
لم تحظ جلسة لمجلس الوزراء في تاريخ لبنان ومنذ الاستقلال بهذا القدر من الاهتمام الدولي والعربي والمحلي والشعبي كما حظيت جلسة امس لانه على ضوء نتائجها يرسم مستقبل لبنان السياسي المقبل: تسوية ام انفجار ام استمرار الستاتيكو الحالي حتى الانتخابات النيابية المقبلة في ايار 2026.
الحكومة ورغم انسحاب الوزراء الشيعة فانها حرصت ومن خلال مقررات مجلس الوزراء على عدم انزلاق الامور الى نقطة اللاعودة، وكانت المفردات في قرارات الحكومة منمقة وملطفة، وبالتالي، فان قرارات 5 ايلول ألغت ألغام 5 اب كما عممت اوساط الثنائي الشيعي، وارتاحت اوساط الثنائي لتجميد الورقة الاميركية وربط تنفيذها بالموافقة الاسرائيلية السورية فيما ربطها رئيس الجمهورية بوقف الاعتداءات والاغتيالات وعودة الاسرى وهذا الامر يشكل عودة الى خطاب القسم،
الرئيس بري
رحّب الرئيس نبيه بري بقرارات الحكومة، لكنه قرن ترحيبه بتحذير صريح، مؤكداً أنه "إذا اقتضى الأمر، سينزل شخصياً إلى الشارع لوقف أي تحركات". هذا التصريح يعكس تصعيدًا في النبرة السياسية، ويكشف حجم التوتر المحيط بجلسة مجلس الوزراء المقبلة، لا سيما في ظل الجدل الدائر حول حصرية السلاح بيد الدولة وطرح ملف سلاح حزب الله على طاولة الحوار.
الثنائي الشيعي
اوساط الثنائي لـ "بيروت تايمز" عبرت عن ارتياحها الى ما ورد من قرارات لجهة النقاش في خطة وطنية استراتيجية لحماية الوطن من الاعتداءات وهذا ما يطالب به الثنائي الشيعي.
الجدل البيزنطي
حسم مجلس الوزراء امس "الجدل البيزنطي" حول خطة الجيش في تسليم سلاح حزب الله، والتي قدمها العماد رودولف هيكل في غياب الوزراء الشيعة الذين انسحبوا من الجلسة عند مناقشة بند خطة السلاح. فالترحيب باللغة "الديبلوماسية" و "الاقرار" باللغة الواقعية، عكسه ارتياح لدى المراجع الدولية والعربية التي كانت تترقب وتتابع باهتمام بالغ ما صدر عن مجلس الوزراء امس.
صحيح ان فتيل "الانفجار" سحب من الشارع بعدما اهلك فكر اللبنانيين لايام قبل انعقاد الجلسة، الا ان ما صدر عن الجلسة حول موضوع سحب سلاح حزب الله.
نقطة ذهبية
مصادر ديبلوماسية وصفت جلسة حصر السلاح ل "بيروت تايمز " بأنه نقطة ذهبية اضافية سجلها العهد والحكومة معا في اقرار خطة قيادة الجيش واعطائها الغطاء السياسي المطلوب». وقد وصف أحد الوزراء ان جلسة مجلس الوزراء هي جلسة تقنية وفنية بامتياز، لان القرار السياسي بحصرية السلاح قد اتخذ في الخامس من آب الماضي، وان اي تحديد لساعة الصفر وتنفيذ الخطة، ايضا قرار اتخذه مجلس الوزراء في جلسته الماضية وحدد نهاية العام الجاري. وقد ترك لقيادة الجيش الحرية في تحديد البدء بتنفيذ الخطة وكيفية التعامل مع الواقع الميداني.
مصادر وزارية اكدت لـ "بيروت تايمز" ان ما حصل كان هدفه الاستماع الى الخطة التي وضعتها قيادة الجيش على اعتبار ان هذا الأمر يتطلب موافقة مجلس الوزراء. وأشار الى ان الوزراء الشيعة تحدثوا في الجلسة، واعادوا المطالبة بالغاء قرارات مجلس الوزراء السابقتين على أساس ان الجلستين لم تكونا ميثاقيتين في غياب المكون الشيعي. الا ان ما حصل امس من شرح مستفيض لقائد الجيش، وللخطة التي وضعتها القيادة جاء متجانسا ومنسجما مع التأكيد على لسان رئيسي الجمهورية والحكومة معا ان كل القرارات تأتي في إطار تنفيذ خطاب القسم الذي تمت الموافقة عليه من جميع الاقطاب السياسيين.
قطوع السلاح
عملياً، مرّ قطوع السلاح، وأمّا العين فعلى المرحلة التالية، وما سيتبدّى فيها داخلياً وخارجياً، وإذا كانت لما قرّرته الحكومة في جلسة الأمس مفاعيله الداخلية، بين فريق قد يبدو انّه خسر رهانه على استكمال الحكومة لقرار سحب السلاح ومضيّها فيه حتى ولو تطلّب ذلك استخدام القوة، وبين فريق قد يعتبر نفسه رابحاً، وتمكّن من إحباط الضغوط الكبرى التي مورست لفرض سحب السلاح. وهو أمر قد يفتح شهية المنابر والمنصات ومواقع التواصل الاجتماعي على سجالات وتنمّر سياسي وغير سياسي حول هذا الامر. الّا أنّ السؤال الذي يفرض نفسه في هذا السياق، هو عن الارتدادات الخارجية الإقليمية والدولية لما قرّرته الحكومة، وتحديداً الموقف الأميركي الذي يؤكّد على التسريع في سحب السلاح.
الموقف الأميركي
وفي السياق الأميركي، تجدر الإشارة إلى موقف أولي نُقل عن مسؤول أميركي، اعتبر فيه أنّ قرار الحكومة يبدو ايجابياً نسبياً، ولكن يبقى الترقّب لما ستقدّمه خطة الجيش.
تغليب منطق التبريد
إلى ذلك، أكّدت مصادر واسعة الإطلاع، لـ "بيروت تايمز" أنّ ما حصل بالأمس، جاء نتيجة حركة اتصالات توزعت في الأيام الاخيرة في اتجاهات مختلفة، ولاسيما على المستويات الرئاسية، وعكست في مجملها تغليباً لمنطق تبريد الأجواء واحتواء الأزمة المستجدة، بالشكل الذي يحفظ ماء وجه الحكومة وسائر الاطراف. وتمّ التوافق على هذا المخرج الذي تضمّنه البيان الصادر عن مجلس الوزراء.
وعدونا بالكثير، ولم نرَ شيئاً
اكثر ما ساهم في دفع الأجواء في هذا الاتجاه هو الاصطدام بتخلّي الجانب الأميركي عن ورقة توم برّاك، وعدم الإيفاء بالوعود التي قُطعت للجانب اللبناني بحمل إسرائيل على تقديم خطوات إيجابية مقابلة للإيجابيات التي قدّمها لبنان. حيث باتت السلطة التنفيذية بشقيها الرئاسي والحكومي محرجة في كيفية مقاربة الامور واستكمال تنفيذ قراري 5 و7 آب، وخصوصاً انّ الجانب اللبناني تُرك لوحده، وصار مطالباً بخطوات من طرف واحد، دون إلزام إسرائيل بأي خطوة مقابلة.
وتنقل المصادر عن مسؤول كبير قوله امام زواره في الفترة الأخيرة: "وعدونا بالكثير، ولم نرَ شيئاً، ثم يأتون إلينا ويقولون لنا مبروك.. مبروك على ماذا، فيما هم لم يقدّموا شيئاً، بل يطلبون منا امراً تعجيزياً بسحب السلاح، علماً انّ هذا السلاح عمره اكثر من أربعين سنة، وطيلة هذه الفترة لم يتمكنوا من سحبه. ثم يأتون الينا ويطلبون منا أن نسحبه خلال ثلاثة اشهر، ولا يوجد لدينا ولو الحدّ الأدنى من الإمكانيات للقيام بهذا الامر".
لبنان الرابح
إلى ذلك، كان اللافت للانتباه هو التعاطي الهادئ من قبل ثنائي حركة «أمل» و«حزب الله» مع ما قرّرته الحكومة، خلافاً لما كان عليه الوضع الذي بدا فيها الشارع مأزوماً ومحتقناً بأعصاب مشدودة وأنفاس محبوسة، وبحديث عن تحضيرات لحراكات اعتراضية في الشوارع إذا ما جاء قرار الحكومة مكمّلاً لقراري 5 و7 آب.
مرجع سياسي قال لـ "بيروت تايمز" ان "المسألة ليست مسألة رابح وخاسر، ففي الأزمة إن تفاقمت، فإنّ كل اطرافها خاسرون، الرابح فيها خاسر والخاسر فيها خاسر. نحن أمام وضع ينبغي أن نبحث فيه كيف يربح لبنان ونربح معه، لا أن نخضع لرغبات او إملاءات من هنا وهناك لغير مصلحة لبنان. وبالتالي من الجيّد، والأمر الذي يبعث على الارتياح، هو العودة إلى التزام القواعد التي ينبغي أن تشكّل نقطة إجماع، أي إلى التمسك بالقرار 1701 وباتفاق وقف اطلاق النار، والتأكيد على العدوانية الإسرائيلية وعدم التزامها بهذا الاتفاق وبكل المواثيق، وتأكيد العمل وفق مندرجات خطاب القَسَم والبيان الوزاري للحكومة، وتأكيد حق لبنان في الدفاع عن نفسه وفق المواثيق الدولية".
أزمة مؤجلة لا محلولة
تأجيل الأزمة لا يعني حلّها، وسحب فتيل الانفجار، وشراء المزيد من الوقت، والتقرب خطوة من الثنائي… كلّها عناوين توصف بها جلسة الخامس من أيلول، التي غلّف الغموض خطة الجيش خلالها. لكن الحقيقة الثابتة هي أنّ التحدّي لم ينتهِ، ولن ينتهي إلا بإلزام إسرائيل بوقف عدوانها، والالتزام بالقرارات الدولية. عندها فقط تصبح مسألة "حصرية السلاح" قابلة للنقاش على أسس واضحة، وبشروط ترضي الدولة، وتمنح الجيش مساحة ووقتاً للعمل بفاعلية. أمّا اليوم، فيفسّر كل طرف ما يشاء ويرسم معالم انتصاره الخاص، في حين يظل الأفق غامضاً، والمجتمع الدولي يترقب خطوات الحكومة العملية، والانتظار ما زال سيد الموقف.
Comments