الرئيسية

مقالات وآراء

ابن المقفع مطلوب حياً وميتاً

09/19/2025 - 20:14 PM

د. خالد زغريت

لم أكن ابن المقفع، وليس ما أكتبه قياساً على ثوب كليلة ودمنة، لكن عليّ حرج مما في نفس بعض المثقفين السلطويين الذين لا يشبههم في تخلفهم غير قبائل "جزر أندمان". من غير شك هم يرتدون ألبسة لا يسبقهم بشرائها إلا الممثلون، و يعيشون في رفاهية تكاد تشبه رغد الجنة الموعودة.

إلا أن أفعالهم لها قصب السبق على قبائل "الهمر" والمشكلة أنهم أعداء القراءة المعرفية، غير أن أبصارهم تحفى، وهي تتبع وسائل التواصل الاجتماعي، ولأن تفكيرهم نفايات لا حدود لها من العيوب، فهم يرون أنهم المقصودون بكل ما يحكى عن فساد وفسق، ولو كان على الكلام عن حيوانات من الخيال العلمي.

لذلك سأحدثكم عن شخص لن تجدوا صورة شبيهة له حتى في المريخ هو لا أصفر فاقع اللون، وليست الأنثى كالذكر، لا قصير ولا طويل ولا بين بين.... طوله ما بين متر وتسعة مليمتر ونصف بالمئة من المليمتر، ومترين إلا واحد بالمئة من الملميتر، عدد أصابعه خمس تنتهي كل إصبع بظفر مادي، وعشرة مخالب معنوية، لون شعره زيتي، ولون عينيه فوشيا، ونمرة حذاءيه حين يكون ذكراً ثلاث وأربعون وحين يرجع إلى أصله فيتأنث نمرة سبع وثلاثون، لذا فنمرة حذاءيه تتغير بتغير مزاجه، وصوته صوت شحرور مصاب بأنفلونزا الضفادع، وهو يدرس جغرافيا حروف الجرَ في المريخ، وإذا مشى ينحرف ظله عنه اشمئزازاً، وهو يهوى سماع أغنية أم كلثوم للصبر حدود يا حبيبي صباحاً، وظهراً يستمع إلى أغنية تحت الشجر يا وهيبة ياما أكلنا برتقال. ومساء يمضي السهرة بأغنية سميرة توفيق: طاح العنب طاح يا بو عبد الفتاح نادي عالناطور يعطينا المفتاح.

ثم بالسماع للصبوحة: قوم نلعب باصرة والشاطر ياخد باصرة واللي بيخسر يا محبوب بدو يمشي بالمقلوب من البرج للناصرة، ويختم سهرته قبل أذان الفجر بمشاهدة برنامج ليلة أنس، وهو يردد أغنية أم كلثوم الأطلال: اسقني واشرب على أطلاله، إياكم أن تتهموني أنني أتحدث عن شخصية توحي بشخصية حقيقية.

للعلم مَن أتحدث عنه هو شديد التديّن حتى أنه لا يصلي إلا في الحديقة العامة أمام الجميع.. ومرة قبل الظهر صلى في الحديقة العامة ستين ركعة حيث كانت الحديقة تغصّ بالسائحين من أبناء حي الحميدية، وكان بعض الشبان يراقبونه فاندهشوا من شدة تقواه، فقالوا: ماشاء الله، هكذا تكون التقوى، فقطع المصلي صلاته، وقال: كيف لو عرفتم أنني فوق هذا أنا صائم..

هل تعطونني البراءة، فأنا لم أتحدث عن فاسد أو فاجر أو مزيف، أو مدرس يعرب الياء في نشيد بلاد العرب أوطاني ضمير نكرة، فهذه الظواهر معدومة في مجتمعنا. كل مَن تدرّج في حضن الوطن تطبّع بأخلاق غيفارا، ليس منا إلا قديس.

نسيت أن أبشركم بشارة كبيرة، السمكة الزبالة باتت بأقصى طاقتها، فقد اكتشفت منشطات جديدة تمنحها قدرة فريدة على التهام الزبالة.. ومن دون استشارة أي طبيب بيطري، رفعت درجة جرعات الفجور.

أما بعد: طمئنونا تُرى كم صار عدد النجوم في السماء عندكم، أرجوكم ثم أرجوك ألا تسمعوا أغنية فيروز: سمى الجيرة وسمى الحي ولولا شوي سماني. إنما أرجو منكم أن تدرسوا التلاص في أغنية: بين الرقة ودير الزور يا عيوني.. في كلية خربانة ها لله الله وأنا عرفتها من الهمزة ياعيوني مكسورة بالجرة هالله الله.

أن تبحثوا فيمن هو خلف ظهر الشياطين السياسية شيطان، وفيمن لحيته مستعارة من إبليس، ويريد حياتنا على ليلاها. أن تبحثوا عن قبر ابن المقفع لتقفّعوه، فهو مطلوب حياً وميتاً للتقفيع. حفاظاً على هيبة السلطان الذي لا شيطان في الوطن إلا هو سواه، سلطان ربّى مجتمعاً وحشنا فيه كل ما في الغابة وحشناه.

أنا وعدت.. ووفيت.. سلام الله يا صاحبي سلام الله ... يفرجها الله يفرجها الله.