bah الانجرار إلى التصعيد يخدم الاحتلال - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الانجرار إلى التصعيد يخدم الاحتلال

09/22/2025 - 17:31 PM

Atlas New

 

 

أحمد عبدالوهاب 
 

الحرب على قطاع غزة، وما يحدث الضفة الغربية، من جانب جيش الاحتلال، يعكس خطط لتوسيع العمليات العسكرية هناك، بذريعة ارتفاع "مستوى التهديد"، هذا التوجه ليس معزولاً عن السياق العام، بل يأتي امتدادًا لسياسة الاحتلال القديمة التي تهدف للضغط على الشعب الفلسطيني، وتوسيع مسرح القمع، كلما تمّقت أزماته الداخلية أو تعثرت حساباته الميدانية. 

 
بين الهجمات الفردية، واستغلال الاحتلال، لا شك أن العمليات الفردية التي تحدث بين الحين والآخر في الضفة الغربية، تعبر عن الغضب الشعبي الطبيعي إزاء سياسات الاحتلال، من قتل واعتقال واستيطان، لكن التجربة أثبتت أن الاحتلال غالبًا ما يستغلها ذريعة لتكثيف اقتحاماته للمدن والمخيمات، وتشديد قبضته الأمنية على المجتمع الفلسطيني. 
 
تتحول هذه الأفعال، مهما كانت دوافعها وطنية، إلى أوراق مجانية في يد الاحتلال، يبرر بها أمام جمهوره والرأي العام العالمي مزيدًا من التنكيل والعقاب الجماعي، ومع التحذير من الانسياق وراء الاستفزازات في هذا السياق، تبرز أهمية الوعي السياسي والعقلانية في إدارة ردود الفعل الشعبية.
 
 ومن المؤكد أن الانجرار وراء الاستفزازات، يحقق للاحتلال أهدافه المعلنة والضمنية، وتصوير الفلسطينيين كـ"تهديد أمني دائم"، وتبرير التوغلات العسكرية، وفتح الطريق لموجات اعتقال واسعة، فضلًا عن فرض إجراءات ميدانية تخنق الحياة اليومية للفلسطينيين.
 
إن مصلحة الشعب الفلسطيني، في ظل الظروف الراهنة، تقتضي التفكير بعقلانية وتفادي أي أعمال عشوائية تمنح الاحتلال الذريعة لمزيد من التنكيل، خصوصًا أن الاحتلال يبحث دومًا عن أي حدث أمني لتبرير عدوانه المستمر، ولا شك أن الدفاع عن القضية الفلسطينية بعقلانية، واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا، لكن إدارة هذا الدفاع يجب أن تكون مدروسة وواعية.
 
العقلانية هنا لا تعني التنازل أو التخلي عن الحق، بل تعني اختيار الأدوات التي تعزز صمود الشعب، وتفضح جرائم الاحتلال أمام المجتمع الدولي، لذلك التمسك بوحدة الصف الفلسطيني، وتجنب الانقسام في المواقف، والاعتماد على خطاب سياسي وحقوقي متماسك، يشكل الأساس لإفشال مخططات الاحتلال. 
 
تنظيم الأداء الفلسطيني بشكل موضوعي، يصعب على الاحتلال تسويق روايته الأمنية أمام العالم، ومن المهم أيضًا الإشارة إلى أن إسرائيل تعاني من أزمة داخلية سياسية وعسكرية متفاقمة، فالحرب الطويلة على غزة لم تحقق أهدافها المعلنة، والاحتجاجات الشعبية داخل إسرائيل تتصاعد، فيما يواجه قادة الاحتلال اتهامات جنائية وضغوطًا دولية متزايدة، لذلك فإن توسيع العمليات في الضفة محاولة للهروب إلى الأمام، عبر تصدير الأزمة نحو الفلسطينيين، وتحريف الأنظار عن الفشل في تحقيق "الحسم" في غزة. 
 
التحدي الأكبر أمام الشعب الفلسطيني اليوم ليس فقط مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، بل أيضًا إدارة الصراع بحكمة تحول دون منح الاحتلال الذرائع المجانية، لذلك العقلانية إلى جانب الصمود، هي السلاح الأكثر فعالية في هذه المرحلة، فهي تحفظ الوحدة الوطنية، وتُفشل خطط الاحتلال في استخدام الورقة الأمنية لتبرير عدوانه، وتُبقي الرواية الفلسطينية صلبة أمام العالم.
 
 القضية الفلسطينية، التي عانت لعقود من محاولات التهميش والتصفية، تحتاج اليوم إلى خطاب ناضج وأساليب مدروسة في إدارة الصراع، ولكن العقلانية لا تعني التخلي عن المقاومة، وإنما توجيهها ضمن رؤية استراتيجية تُفشل خطط الاحتلال وتفضح جرائمه أمام الرأي العام الدولي.

الاحتلال يحاول باستمرار أن يصور نفسه كضحية للإرهاب، بينما الواقع يبرهن أن الفلسطينيين هم الضحية الحقيقية لسياساته القائمة على الإبادة والتطهير العرقي.، وهنا يكمن دور الفعل الفلسطيني الواعي في قلب الصورة وتثبيت رواية الحق، لذلك كل خطوة غير محسوبة، وكل فعل فردي لا يستند إلى رؤية واضحة، قد يُستخدم كذريعة لتصعيد جديد يضاعف معاناة المدنيين ويفكك وحدة الصف الوطني.
 
 
 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment