الخوري الدكتور نبيل مونس *
حين اخترقت الرصاصةُ عنقَه، عند الشريانِ الخارجِ من القلب، سالَ دمُه الطاهرُ كختمٍ أحمرَ على رسالةٍ حملها في قلبه وروحه وعقله: رسالةُ المسيح القائل: «أنا الطريقُ والحقُ والحياةُ».
فيا من تطلبُ العدالة، تعال إليه، واصرخ باسمه، فهو الحيُّ الذي لا يموت، والراعي الأمين إلى الأبد. من لجأ إليه بقلبٍ نقيّ، ونيةٍ صادقة، نالَ ما يطلب، بعيدًا عن العنفِ والدماءِ، قريبًا من السلامِ والرحمةِ.
ويا من تبحثُ عن الحياة، عن الحبّ والحرّية، اعلم أن الحياةَ الحقّة تبدأ منه، وتنتهي إليه. فيه السعادةُ الحقيقية، وفيه السعادةُ الأبدية، التي لا تُنتزعُ منك، لا بقوةٍ ظالمة، ولا بسلطانٍ خفيّ.
لن تجدَ طريقك في هذا العالم، فقد قالها الفيلسوفُ الوجوديّ: طرقُ الأرضِ مقطوعة، وقببُ السماءِ المنظورةِ لا تؤدّي إلى شيء. ضع يدك في يد يسوع، وسِرْ في سبيله، ولو حملتَ صليبك، فأنتَ منصورٌ، لأنّه غلبَ العالم، وقهرَ الموت، وفتحَ أبوابَ السماء لأجلك، حيثما كنت، لا سيما إن كنتَ من المظلومين، والمقهورين، والفقراء الودعاء.
أردتُ أن أخوضَ هذه المعركةَ بين الظلمةِ والنورِ من خلال استشهادِ تشارلي كيرك، كما وصفه إيلون ماسك. استشهادٌ نقيّ، صادق، يُشبه استشهادَ المسيحيين الأوائل: تقلا، وجاستن، وجان دارك، وتوماس مور. وعلى الرغم من اختلافِ الأسبابِ وتباينِ الآراء، فإنّ استشهادَه أعادني إلى زمنِ الأبطالِ الإغريق، الذين خاطبهم مار بولس الشهيد، ليقول لهم: هناك إلهٌ أعظم، ولو كان مجهولًا، هو إلهُ المحبةِ والنورِ والمساواةِ والمسامحةِ والحقّ.
إنّ انتصارَ النورِ على الظلمةِ، وانتصارَ يسوعَ على الموتِ والعالمِ، أمرٌ طبيعيّ، لأنّ الأرضَ والسماءَ تعيشان وفق قانونِه. ففي كلّ صباحٍ نعاينُ هذا السرّ الإلهيّ، من دونِ زلازلَ أو دماء. وإن سأل سائل: لماذا تحصلُ المآسي؟ نجيبُ بهدوءٍ: لأنّ الشريرَ الحسودَ ما زال يقاومُ إرادة الله، فينا وحولنا. فلنترك له مجالًا، لا للحسدِ، ولا للخطيئةِ المخادعةِ الآسرة.
كلّنا نعلم، ونؤمن، أن لا حلّ ولا قوة إلا بالله. والله هو المحبة، أولًا وآخرًا، جوهرًا وحقًّا، رحيمًا رحمنًا إلى الأبد.
* الخوري الدكتور نبيل مونس، مؤسّس اللجنة اللاهوتيّة للسّلام في لبنان، وهو شخصية روحية وفكرية مرموقة، يتولى خدمة رعية سيدة لبنان المارونية في ولاية أوكلاهوما الأميركية، حيث يجمع بين الرسالة الكهنوتية والرؤية الثقافية المتنورة.
وُلد في قرية الشبانية الواقعة في قلب جبل لبنان، ونشأ وسط ظروف سياسية وطائفية معقدة، ما ساهم في تشكيل وعيه اللاهوتي والإنساني، وصقل نظرته إلى الإيمان كجسرٍ للسلام، والحوار، والتلاقي بين البشر.
من خلال خدمته، في رعية سيدة لبنان المارونية في ولاية اوكلاهوما – الاميركية، يجسّد الأب مونس رسالة الكنيسة في المهجر، ويحرص على أن تكون منبرًا للرجاء، وواحةً للانتماء الروحي والثقافي، حيث يلتقي اللبنانيون والعرب في ظلّ المحبة والإيمان.
Comments