السفير د. هشام حمدان
لطالما طالبنا في المحافل الدولية، ومنذ سنوات بعيدة، وخاصة بعد نهاية الحرب الباردة، بضرورة الإعتراف للشعب الفلسطيني بحقه في هوية وطنية تساوي بينه وبين شعوب الأمم المتحدة.
كنا مقتنعون أن تمتع الشعب الفلسطيني بالإعتراف الدولي، يدفع قدما ثقافة السلام، ويقلص دور القوى الراديكالية، ولا سيما الدينية، ويعزز الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ويمهد للسلام مع باقي الدول العربية.
كل مراقب محايد، يدرك مدى الضرر الذي أوجده موقف الغرب في مقاربة الحقوق الفلسطينية من خلال ربطها بشروط محاربة الإرهاب والعنف. لم ينتبه الغرب، أن ثمة تمايزا بين الفلسطينيين . هناك الفلسطينيون الذين يرأسهم ياسر عرفات الذي كان وحده ، ألصوت الحر للشعب الفلسطيني والذي لم تستهلكه إيديولوجيا حزبيةأاو دينية. وهناك جماعات فلسطينية، تنظر الى صراعها من منطلق إيديولوجي سياسي وديني، ربطها عضويا وفعليا، بقوى خارجية تستخدم فلسطين لأغراضها ولمصالحها.
ياسر عرفات، إختار السلام. رفع غصن الزيتون في الأمم المتحدة. قال في حينه، جئتكم غصن الزيتون بيد ، وباليد الأخرى، ألبندقية. إمتدت له يد السلام ،فلم يتردد في مصافحة غريمه شيمون بيريز. ياسر عرفات، قبل القرار ٢٤٢ ، والأرض مقابل السلام، فدفع ثمنا غاليا لموقفه الحر هذا، من القوى الراديكالية في الدول العربية، وخاصة حافظ الأسد الذي كان يقول أن فلسطين ،ليست ملك الفلسطينيين وحدهم ،بل هي للعرب. حافظ الأسد الذي رفع كل شعارات العداء ضد إسرائيل، هو الذي قام بتسليم الجولان، ووقع معها عام ١٩٧٤ ، إتفاق فصل القوات، وامتنع عن إطلاق رصاصة واحدة من جبهة بلاده ضدها.
أطلق حافظ الأسد حملة ضد ياسر عرفات، وضد إستقلالية منظمة التحرير . إندفع يقاتل بشعاراته على حساب الإنسان اللبناني والفلسطيني.
لا شك أن الخطوة الغربية، ستمنح المواطن الفلسطيني شعورا بأن له هوية وطنية . سيساعد هذا الأمر بتحويله إلى مناضل ضمن قواعد القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة. لقد أثبت التاريخ أن حرمانه من هذا الحق ، جعله دمية سهلة للأنظمة الإسلامية الراديكالية، وخاصة ايران.
محاولة نتنياهو ربط الإعتراف بفلسطين بأحداث غزة، هو مسعى لإخراج هذا التطور من بعده السلمي. يخطىء الغرب بدوره، أذ يربط هذا الموقف بشروط موجهة لحماس. حماس لا يهمها هذا الإعتراف بل يخرجها، وربما تأمل ضمنا أن لا يتحول الى كرة ثلج. حماس ونتنياهو. جماعات دموية لا يناسبها الدفع نحو السلام.
Comments