بقلم الدكتور لويس حبيقة
سياسات الرئيس الاميركي دونالد ترامب لا تنعكس فقط على الداخل الأميركي، بل تؤثر عمليا على كل ما يجري في العالم مما يسبب بعض التخبط في سياسات تلك الدول كحال أوروبا وكندا والمكسيك وغيرهم. أحاط ترامب نفسه بمتطرفين في كل المجالات كما أعطى فرصا أوسع للنساء في الادارة، لكن وجهات النظر عموما تبقى متشابهة. هنالك فرق شاسع بين العهد الأول لترامب وعهده الحالي، اذ يظهر أنه درس وتحضر ليقوم بتنفيذ العديد من سياساته منذ اليوم الأول للحكم. يقول بكل جرأة أنه سيغير أميركا ليعيدها عظيمة، وكأن أميركا الحالية لا تنعم بالعظمة والقوة.
الفرق شاسع بين الرئيس ترامب ومعظم زعماء العالم. يقول ما يريد فعله دون خوف أو مراعاة أو تردد متجاهلا ما يمكن أن ينتج عن هذه التصريحات من اساءات. يريد أن يستفيد من كل دقيقة يمضيها في الرئاسة للتاريخ، ولا شك أنه يحضر الخليفة أي نائبه الذي يبدو أنه أكثر ميلا نحو اليمين السياسي وهذا مقلق. أما الفارق بين ترامب وجميع الرؤساء الأميركيين السابقين جمهوريين أو ديموقراطيين فشاسع بكل ما تحمله الكلمة من معان وتفسيرات.
ما هي المبادئ التي يؤمن بها ترامب ويصرح بها؟ مصالح أميركا أولا ومن يريد المساعدة منها عليه أن "يشتريها" بالدولار حتى أوكرانيا. أوروبا تريد المساعدة في الأمن والحماية، ممتاز، لكن عليها زيادة انفاقها العسكري وشراء المزيد من السلع الأميركية خاصة السيارات. كل شيء له ثمن وبالدولار ولا تهمه السيطرة أو الوجاهة أو العظمة.
أميركا، الأم الحنون لحلفائها خاصة منذ الحرب العالمية الثانية، لم تعد موجودة وعلى الجميع تحمل مسؤولياته. في الماضي، حمت أميركا أوروبا أمنيا وساعدتها اقتصاديا، لكن أهداف اليوم تغيرت أي "لا غذاء مجاني". الشرق الأوسط مهم ويريد المساعدة، بالترحيب لكن يجب أن تستفيد أميركا منه ليس بالسياسة والوجاهة فقط وانما بالدولارات أي مثلا عبر تنفيذ "ريفييرا غزة" أو ما يشابهها في دول عربية أخرى.
في السياسة، يتباهى ترامب أنه لو كان رئيسا في السنوات الأخيرة أي "مكان بايدن" لما حصلت حربا أوكرانيا وغزة المستمرتان وكان العديد من الوقائع حصل بشكل مختلف. يكره الحروب ويمنعها بالدولار أي بالثمن المادي المطلوب أو المفروض. يقول علنا أن الوحدة الأوروبية أنشئت للاساءة الى أميركا، علما أنها أنشئت لعدم تكرار الحروب بين الدول الأوروبية. يريد تغيير طبيعة العلاقة حيث تعوض أوروبا عن بعض ما أخذته مجانا من أميركا.
يقول أن أوروبا لم تفعل شيئا لوقف حرب أوكرانيا، أي ربما انها مستفيدة من النتائج. يطبق التعريفات الجمركية على الدول التي تنعم بفائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة ويعتبر التعريفات سياسات طبيعية وليست عقوبات. أما شراء جزيرة غرينلاند أو ضم قناة باناما أو تغيير أسم خليج المكسيك الى خليج أميركا فهي غير قابلة للمساومة. أخيرا تخبط الجمهوريين الكلاسيكيين والديموقراطيين سيعطيه فرصا كبيرة لتحقيق ما يريد.
Comments