البابا فرتسيس
الاب الدكتور نبيل مونس*
"من أراد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني" (إنجيل لوقا ٢٣/ ٩(
لكل بابا ولكل ممثل للمسيح أن يحمل صليبه ويتبعه. تاريخنا المعاصر يرينا تحديات كبرى تواجه الإنسان والكنيسة والعالم.
بابا فرنسيس، أول من واجه العالم بكل الحقائق وخصوصا الحقيقة المرة عن واقع الحرب العالمية الثالثة، التي بدأت والتي تقام على الصعيد العالمي لكن ضمن نقاط محددة.
فأخذ على مواجهتها. انه أول من وضع الإصبع على علة العلل في نشوء الحروب ولعبة السلطة وتصارع الامم وسفك دماء الأبرياء بين الأديان أو بين البلدان، ألا وهو المال وتجار السلاح الذين يبحثون عن المال ونهيوتهم لأكثر من المال إلى ما لا حدود من النهم المادي النرّسيسيّ الفوضوي. راجع كتاب دومنيك ولطون "البابا فرنسيس ونظرته للمجتمع والسياسة ". مما يسمح لي بالخلاصة التالية : المال من أجل المال وحتى في الحكم من اجل المال و اله المال، الذي نبهنا عنه ربنا وإلهنا يسوع عندما قال في الكتاب المقدس" لا تَقْدِرُون أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَالمَال.) "إنجيل لوقا ١٦ /١٣(
لم يخف من المواجهة. لم يتراجع. هو بنفسه مارس قبل الجميع التضحية والتخلي والتجرد. لم يزل يعمل على فرض هذه الروحانية، على كنيسة المسيح في كل العالم. عندها تيقن أرباب رؤوس الأموال الحربية في الأسواق الحرة العالمية، أن هذا البابا وضع الإصبع على الحقيقة. فضح القطبة المخفية لتحرك الأموال بين الشعوب والدول وتجارة الاسلحة والطاقة المدمرة القاتلة والأزمات الاقتصادية العالمية الخانقة وتمرير شريعة الأقوى مع نظرية الفوضى الفاسدة بتسميتها الفوضى الخلاقة. عملوا على إشعال الجبهات عليه خصوصا من الداخل. وهذا لم يثنه عن الشهادة للحق الذي فيه ومن أجله جلس على كرسي بطرس الذي اختاره المسيح امير السلام.
- السلام والاخوة الإنسانية –
دومنيك ولطون في حواره مع البابا حول حوار الأديان والسلام والحرب سمح للبابا أن يفعل مثل يسوع بالتمام أن يزرع أساسا جديدا للتعامل مع الإنسان والأديان.
فقال :القاعدة العادلة والمحقة هي السلام. والحرب باسم الله ومن اجل الله غير محقة. ردد ذلك على الأقل ثلاثة مرات في سياق اجوبته. حتى انه ذهب بالقول ان الحرب لحماية الذات انما هي حرب دفاعية، مقاومة، انما وحده السلام يجب اعتباره القضية الأوحد.
لأن الشيء الوحيد الصحيح هو السلام.
وهذا ما اعادني إلى قلب لاهوت السلام الذي حاولت أن انشره منذ سنين في لبنان وفي قلب الفكر العربي من خلال المقالات والأبحاث والكتب التي نشرتها عبر السنين ومنها من خلال صحيفة بيروت تايمز التي قدمت منبراً حراً و مشرفاً لقضية السلام في المشرق العربي.
-حضارة بناء الجسور-
هذا البابا يرفض الحواجز وحضارة التقسيم وقواعد الضمائر المستترة. انه يعمل منذ انتخابه على بناء حضارة الرحمة والمساواة، حضارة اللقاء وبناء الجسور. بين البلدان والطبقات والأديان. انه يرفض العقلية التي بني عليها عالمنا القديم. انه يعتبرها غير ناضجة. انه يعتبرها هكذا، من قبل الواقعية الإنسانية، ومن النظرة الايمانية المسيحية الوجودية للرجاء. انه يعلن قاعدة جديدة للعالم الحديث. انه يقاوم بكل ما اوتي من حكمة وقوة، المقولة السياسية الشيطانية التي تجزء ولا توحد التي تشعل الحسد والقتال بين أهل البلد الواحد وأهل المدينة الواحدة. انه بزيارته التاريخية يحمل للعالم العربي الخلاص الآتي من أمير السلام يسوع المسيح الذي قال في القرآن بذاته
وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33(
-امثولة معلم العمار-
في قلب الحرب الأليمة التي جرت على ارضنا في لبنان، جلس ابي الحبيب بديع على حافة الحائط الذي كنا نبنيه معا بأيدنا فيصبح لنا غرفة قبل الشتاء وبعدها منزلا. في ذلك النهار كان هناك فوق رؤوسنا في الشبانية صراع وقتال بين سلاح جوي
وطني ومعاد. قال الوالد المرحوم. اترى يا بني كم نتعب لنبني بيتا وسقفا. قنبلة واحدة تسقط تدمر كل تعب السنين. مرّت الحرب كلها وتهجرنا في قلب الوطن وخارجه.
الوطن بقي والمنزل صمد وحضارة اللقاء لم تزل الأمل.
*خادم إرسالية مار شربل المارونية – ويسكانسن
Comments