bah إشعال الخلاف حول مشكلة النازحين هدفه تجديد الهالة القوية حول الرئاسة الأولى بعد موقف الموسوي في المجلس النيابي - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

إشعال الخلاف حول مشكلة النازحين هدفه تجديد الهالة القوية حول الرئاسة الأولى بعد موقف الموسوي في المجلس النيابي

02/27/2019 - 22:09 PM

Bt adv

 

 

خاص بيروت تايمز- بقلم ميشلين أبي سلوم *                         

 

في الظاهر تمّ استيعاب العاصفة التي أشعلها كلام نائب «حزب الله» نواف الموسوي في جلسة مناقشة البيان الوزاري عندما قال رداً على ما أثاره النائب سامي الجميل من أخبار واقاويل بسيطرة الحزب على الحكومة بأنه «من المشرّف ان العماد ميشال وصل إلى رئاسة الجمهورية ببندقية المقاومة، في حين أن غيره وصل على ظهر دبابة إسرائيلية». فكان الاعتذار العلني من رئيس كتلة «حزب الله» في اليوم التالي كفيلاً بوقف ردود الفعل التي توسعت في الوسط المسيحي لتتجاوز ردود حزبي «الكتائب» و«القوات» والمتعاطفين معهما وتأخذ منحىً سلبياً واستياءً بالغاً في أوساط الرئاسة الأولى و«التيار العوني» على وجه الخصوص بعد أن أصاب ما قاله الموسوي الرئاسة الأولى بالصميم وكشف بوضوح ما كان يقال في المجالس الضيقة والمغلقة عن دور سلاح الحزب في وصول الرئيس عون إلى سدة رئاسة الجمهورية.

ولكن لفلفة واستيعاب ما قاله الموسوي لم تكفِ وحدها لتبديل الصورة التي رسمها عن تأثير سلاح الحزب في تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية بالتحالف مع «التيار العوني» لإفساح المجال أمام وصول عون للرئاسة بالرغم من كل ما تسببت به هذه الممارسة السلبية من تعطيل للحياة السياسية وتجاوز الدستور وإلحاق الضرر البالغ بمصالح اللبنانيين والاقتصاد الوطني عموماً، فكان لا بدّ من إشعال عاصفة سياسية جديدة تمحو من مخيلة اللبنانيين الكلام الذي قاله النائب الموسوي عن كيفية وصول الرئيس عون إلى سدة الرئاسة الأولى وإعادة تجديد المزايا والمواصفات التي تميز رئيس الجمهورية منذ وصوله إلى السلطة، وتتجاوز كل التداعيات السلبية التي التصقت بأذهان المواطنين جرّاء ما حصل.

فكانت الاستعانة بمشكلة النازحين السوريين المشتعلة على الدوام منذ بداية عهد الرئيس عون وما قبله، كأداة وواجهة لتجديد الاشتباك السياسي من خلالها وتمت الاستعانة بوزير اللاجئين السوريين صالح الغريب وايفاده إلى دمشق بمعزل عن أي قرار أو توافق في مجلس الوزراء باستثناء ما تردّد عن إيعاز من رئيس الجمهورية لإظهار ما يتمتع به من صلاحيات وعزم قوي لمقاربة هذا الملف الخلافي بامتياز بمفرده بالرغم من اعتراضات الآخرين كرئيس الحكومة وشريحة وازنة من الوزراء والأطراف السياسيين الآخرين، باعتبار ان مثل هذا التصرف الأحادي المخالف للدستور يعطي انطباعاً مغايراً لكلام النائب الموسوي عن دور سلاح الحزب في وصول عون للرئاسة.

وهكذا تجدد التجاذب السياسي على أبواب بدء اجتماعات الحكومة الجديدة، حول مشكلة اللاجئين السوريين، وعادت الخلافات تحتدم من جديد حول صلاحيات الرئاستين الأولى والثالثة من خلال ما نشر من مواقف تتعارض كلياً مع النصوص الدستورية التي تحدد صلاحيات كل من الرئاستين بوضوح وكيفية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء من خلال الحكومة مجتمعة والكل يعلم أن أي تجاوز للدستور، من أي كان سيؤدي إلى خلل في الممارسة السياسية ككل وينعكس سلباً على مهمات الحكومة ودورها في القيام بإدارة السلطة ومعالجة المشاكل وحل القضايا التي تهم المواطنين وما أكثرها هذه الأيام، في حين أن التذرع بتباين وجهات النظر حول كيفية معالجة مشكلة النازحين السوريين للانفراد أو تجاوز الدستور لحل هذه المشكلة لن يساهم بالحل المنشود مهما ارتفعت حدة المواقف وشعارات الاستقواء والتماهي، لأنها ستزيد من حدة الخلافات ولن تنفع بدفع الحلول إلى الامام.

فالكل يعلم ان حل مشكلة النازحين السوريين ليس بأيدي الأطراف اللبنانيين ويتجاوز قدراتهم لعلاقتها بسياسات إقليمية ودولية كما هو معلوم، ويقول وزيرٌ سابق واكب هذه المسألة عن كثب ملف، في فترات معينة، إنّ هناك قوى دولية وإقليمية تعارض إعادة هؤلاء إلى بلادهم، ما دامت خرائط النفوذ هناك غير واضحة. وعلى رغم من أنّ هذه القوى تتنازع في سوريا، فإنّ لها مصلحة مشتركة في تأخير العودة. ولذلك، قد يقوم الجانب اللبناني بجهود لتحقيق خروق في الملف، من خلال فتح خطوط مع حكومة الرئيس بشّار الأسد. ولكن، هل يمكن توقّع نتائج قبل أن ينضج الحلّ الحقيقي؟

أكثر الذين جاهروا بهذه الحقيقة، نتيجة معلومات توافرت لديه، هو الفاتيكان. إذ أبلغ وزير خارجيته بول ريتشارد غالغر الى الوفد اللبناني الذي زاره في الخريف الفائت، أنّ المجتمع الدولي بكامله يرفض عودة النازحين قبل الوصول إلى المرحلة الانتقالية هناك، وهي ستتأخّر. وأنّ واشنطن تتبنّى هذا الاتجاه، ولذلك إنّ المتابعة المُجْدِية للملف لا تكون إلاّ معها.

وفي الموازاة من الجانب السوري، يقول غالغر، يرغب الأسد في أن يكون رئيساً على عدد سكان أدنى من العدد الأساسي. (النازحون نحو 12 مليوناً، مناصفة تقريباً بين الداخل والخارج، أي أكثر من نصف عدد السكان الأصليين، وهو 23 مليوناً).

هذه الشهادة البالغة الخطورة لم يجاهر بها سوى الفاتيكان، لأنّ لا مصلحة له في المناورة وتغطية الأمور كسواه. وعلى العكس، هو أراد تنبيه اللبنانيين إلى مخاطر ملف النازحين على الكيان اللبناني الصغير والمترنِّح تحت تأثير العواصف الإقليمية.

ولكن، في الموازاة، كانت قد أظهرت الوقائع استحالة مقاربة وحل هذه المشكلة من قبل الدولة اللبنانية بمفردها، أما التذرع بإيفاد وزير النازحين الجديد لتسهيل التواصل مع النظام السوري لحل هذه المسألة لا يبدو مقنعاً بتاتاً، كون الدولة اللبنانية تتواصل مع النظام من خلال أكثر من مسؤول أمني رسمي لبناني وفي مقدمهم المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي قام بمهمته على أكمل وجه في المرحلة السابقة وبموافقة كافة المسؤولين للمساهمة بحل هذه المشكلة، واستطاع تأمين العودة لبضع عشرات الآلاف من النازحين، في حين أن عدم تجاوب النظام السوري ما يزال يحول دون عودة أكثرية النازحين الموجودين في لبنان.

ولذلك، فإن إثارة مشكلة النازحين السوريين مجدداً على هذا النحو وإظهار فريق الرئاسة وحلفائها بأنهم يريدون عودة النازحين من خلال إعادة احياء التواصل مع النظام السوري على مستويات سياسية عليا وفي المقابل إظهار خصومهم السياسيين وخصوصاً الرافضين لسياسة إعادة التواصل السياسي مع النظام بأنهم ضد هذه العودة، هو مردود ومغاير للحقيقة، لأن كل الأطراف تؤيد عودة هؤلاء النازحين إلى سوريا لأن في ذلك مصلحة للجميع من دون استثناء.

أما إذا كان الهدف من تأجيج الغبار السياسي حول مشكلة النازحين لطي مؤثرات الكلام الذي قاله النائب الموسوي بخصوص دور سلاح «حزب الله» في وصول الرئيس عون للرئاسة، وإعادة تعويم العلاقة الرئاسية مع نظام بشار الاسد، فإن أثر كلام الموسوي ترك فعله، ولن تمحوه مثل هذه الأساليب، في حين أن تطبيع العلاقة مع نظام الأسد، سيبقى عقيماً في حال استمر هذا النظام بمعاداة قسم كبير من الشعب اللبناني وما يزال يتهم بعض زعمائهم السياسيين بالإرهاب، في حين لا يصدر أي موقف رسمي لبناني يستنكر ويرفض مثل هذه الاتهامات المفبركة.

***

في كلمة اخيرة،

واقعياً، لا يمكن توقُّع خروق حقيقية في المدى المنظور. فالجميع ينتظر شيئاً ما قبل ذلك. وهذا الأمر ربما يعرفه رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه المتحمِّس لتحقيق العودة. ولكن، على الأقل، هو يأمل في التأسيس لورشة العودة.

ولكن، إذا طال الانتظار، وتراكمت التعقيدات السياسية والمعطيات الميدانية في سوريا، فلن يبقى من الحوار اللبناني - السوري حول النازحين إلاّ العنوان. وفي الأثناء، سيكون لبنان أسير الخُبث السياسي، دولياً وسورياً على حدّ سواء.

في هذه الحال، ستنفتح خطوط أخرى على طريق الشام، بعناوين كثيرة. وسيكون التحدّي عدم نشوء تناغم بين الخُبث الخارجي والخُبث الداخلي، ما يُوقع لبنان في تجارب ما قبل 2005. وهنا الكارثة.

 

*صحافية لبنانية

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment