bah الإنتخابات الإسرائيلية القادمة .. صراع متواصل علي الزعامة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الإنتخابات الإسرائيلية القادمة .. صراع متواصل علي الزعامة

09/14/2019 - 19:10 PM

absolute collision

 

فؤاد الصباغ                         

 

تعد الإنتخابات الإسرائيلية الأخيرة التي أجريت خلال شهر أفريل الفارط من سنة 2019 بمثابة نكسة كبيرة لحزب الليكود العريق. إذ بدأت في هذا السياق تتضح ملامح الضعف والوهن لإدارة بنيامين نتنياهو علي أجهزته المختلفة والمتفرعة من إقتصادية وأمنية إلي إستخباراتية وعسكرية. كما زادت بالنتيجة الملاحقات القضائية لعائلته بتهم الفساد وسوء التصرف في الأموال العمومية أوإلي إستغلال السلطة والنفوذ السياسي لأغراض شخصية.

فعلي الرغم من فوز ذلك الحزب الليكودي الشرس بفارق ضئيل جدا علي إئتلاف جنرالات إسرائيل حزب أزرق – أبيض، إلا أن رئيسه المتمثل في شخصية بنيامين نتنياهوأصبح عجزا تمام العجز من أجل تشكيل حكومة تضم الأحزاب اليمنية التي بدورها رفضت الإنضمام إلي زمرة وزرائه بحيث بقيت له فقط أحزاب الحريديم الدينية اليمنية المتطرفة والتي ترفضها أغلب الشرائح من المواطنين الإسرائيليين نظرا لملف الخدمة العسكرية الإجبارية. بالتالي تبرز هنا الفوارق واضحة في الإنتخابات القادمة بحيث جعلت من خصوم ذلك الحزب نواة قوة عطلت تشكيل الحكومة الحالية وأدت بالنتيجة إلي حل الكنيست نفسه والمطالبة بإعادة جولة جديدة من الإنتخابات خلال شهر سبتمبر القادم لتضمن فوزها بالكعكة كلها.

إن الإنجازات الإقتصادية التي تحققت في عهدة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو تعد فخرا وإنجازا عظيما لحكومته بحيث عجزت جميع الحكومات السابقة علي تحقيقها وذلك منذ تأسيس الدولة العبرية سنة 1948 إلي غاية الآن. إذ من أبرز تلك الإنجازات الإقتصادية التي يتباهي بها حاليا رئيس الحكومة نتنياهو ضد خصومه نذكر بالأساس تلك الإكتشافات الكبري لحقول الغاز بمياه البحر الأبيض المتوسط منها أكبر حقلان نافيثان ودمار والأهم من كل ذلك هورسم الحدود مؤخرا في المياه الإقليمية مع دولة لبنان بحيث حققت له نصرا عظيما من خلال ضم حقل دمار بصفة نهائية لإسرائيل والذي هومتنازع علي ملكيته منذ مدة طويلة في تلك الرقعة الجغرافية.

أيضا في هذا السياق نذكر إبرام الصفقات الضخمة وبمليارات الدولارات قصد تصدير تلك الطاقة إلي دول الجوار خاصة مع مصر والأردن وكذلك إنشاء خط من أنابيب الغاز تمتد علي مسافات طويلة جدا. أما الصفقة الإقتصادية الكبري والتي تعتبر كنزا بالنسبة لحكومة نتنياهوفهي تتمثل في إبرام إتفاقية تصدير الغاز الخام نحودول الإتحاد الأوروبي الأكبر مستهلك عالميا لتلك الطاقة وذلك عبر معبر تركيا مما تحول بالنتيجة الإقتصاد الإسرائيلي برمته إلي أكبر منتج ومصدر للغاز ومنافسا حقيقيا لأكبر الشركات الروسية في ذلك المجال. بالتالي إنعكست تلك الأوضاع الإقتصادية إيجابيا مما تسببت في رفع القدرة التنافسية للشركات الإسرائيلية في قطاع الطاقة وخلقت نموإقتصادي في نسق تصاعدي مما ساهمت بالنتيجة في تقليص نسبة البطالة وحفزت التنمية في البنية التحتية الإسرائيلية.

فإجمالا تعتبر العوائد المالية المتأتية من تصدير طاقة الغاز المتواجدة في مياه البحر الأبيض المتوسط قبالة قطاع غزة ومصر ولبنان وقبرص مهمة جدا لخزينة الدولة العبرية والتي تمثل بدورها إنجازا إقتصاديا ملحوظا لحكومة نتنياهو خاصة من خلال فرض القوة علي إمتلاكها ورسم تلك الحدود في المياه الإقليمية لضمها بصفة نهائية. أما بالنسبة إلي المبادلات التجارية فهي أيضا تحسنت كثيرا خاصة مع قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة وإبرامه العديد من الصفقات التجارية مع حرصه علي تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

كذلك بخصوص العلاقات التجارية مع دول الإتحاد الأوروبي وروسيا الإتحادية فهي أيضا تندرج ضمن صفقات المقايضة والمساومة التي يعتمدها نتنياهو مع شركائه وحلفائه الدائمين. بالإضافة إلي ذلك تعززت مؤخرا العلاقات الإسرائيلية – الخليجية بشكل واسع النطاق خاصة من خلال الزيارات المتبادلة بين الطرفين من أجل إبرام صفقات هامة ولعل أبرز دليل علي ذلك توقيع إتفاقية مرور الحركات الجوية عبر أجواء المملكة العربية السعودية وربط منطقة الشرق الأوسط برمتها بشبكة من السكك الحديدية التي تنطلق من مدينة حيفا لتصل إلي جميع العواصم الخليجية.

فهذا التطبيع الإقتصادي الغريب والرهيب مع حكومة نتنياهو عبر توقيع العديد من الإتفاقيات التجارية التي تسمح بنقل البضائع بكل سهولة بين تلك البلدان وأيضا تسهيل حركية الأشخاص وخاصة منهم رجال الأعمال والمال ساهم في مجمله في تثبيت المخططات الإستراتيجية الإسرائيلية بعيدة الأمد مما تعتبر نقاط إضافية داعمة لفوز حزبه الليكود مجددا خلال شهر سبتمبر 2019. أما بخصوص ضم مدينة القدس العربية وإعتبارها عاصمة لدولة إسرائيل العبرية فهي تندرج أيضا ضمن عملية تهويد تلك المدينة العربية وتحويلها إلي أكبر مدينة عبرية سياحية في العالم نظرا لتواجد أهم المعالم الأثرية والدينية بها والتي تستقطب يوميا العديد من الزوار من مختلف دول العالم بحيث ستحقق مصدر مالي إضافي للخزينة العمومية الإسرائيلية وهذا أيضا يعتبر إنجازا في حد ذاته لتثبيت عودة حكومة يرأسها نتنياهو مجددا. كذلك ضم الأراضي الفلاحية الشاسعة بمنطقة الجولان السورية التي تحولت خلال هذه السنة من 2019 إلي أراضي إسرائيلية بقرار رسمي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مما أدي لتحويلها إلي مناطق تنموية تحقق الإزدهار الإقتصادي للشعب الإسرائيلي.

 أما بخصوص الورشة الإقتصادية بمدينة المنامة بالبحرين التي إنعقدت خلال شهر جوان 2019 تحت رعاية ووصاية مستشار وصهر ترامب جراد كوشنير فهي تندرج أيضا في إطار تنفيذ بنود صفقة القرن تحت شعار "الإزدهار مقابل السلام" والتي ستنعكس نتائجها سلبيا علي الفلسطنيين وإيجابيا علي الإسرائيليين، مما ستسمح بالنتيجة لحكومة نتنياهو بضم جميع المستوطنات بالضفة الغربية إلي دولة إسرائيل. بالإضافة لذلك الإستفادة المباشرة من الأموال الخليجية الداعمة للشعب الفلسطيني نظرا لتحويلها مباشرة إلي البنك المركزي الإسرائيلي وصرفها بالشيكل الإسرائيلي علي المدن الفلسطينية بحيث ستنعش بالنتيجة الإحتياطي المركزي الإسرائيلي بالدولار الأمريكي.

إستنتاجا من كل تلك الأوضاع الإقتصادية التي تحققت أوهي في طور التحقق في عهدة حكومة نتنياهو فيمكن القول الآن أن الفوز يعتبر في المتناول لحزب الليكود الساعي بدوره لتحقيق عهدة خامسة. أما المرشح الأوفر حظا في تلك الإنتخابات المرتقبة خلال شهر سبتمبر 2019 فهويبقي مجددا نتنياهو بإعتباره الضامن لإستقرار ولإزدهار الدولة العبرية وتفوقها علي جميع الدول العربية وأبرز دليل علي ذلك تلك عمليات التهويد الواسعة لمدينة القدس والجولان السوري وسط صمت عربي وهرولة أغلبهم نحوتطبيع مجاني أجوف مع الكيان الصهيوني الأرعن.

إذا تعتبر تلك الإقتحامات للمسجد الأقصي بمدينة القدس وصمة عار وخزي علي وجه الحكام العرب المطبعين ونصرا كاسحا للصهاينة وعلي رأسهم الماسوني نتنياهو بحيث تضمن له إكتساح أصوات حزب الليكود مجددا في الصناديق الإنتخابية. أما الأحزاب الأخري فهي تعتبر هشة ولا إنجازات عظمي تذكر لها منها تحالف شاكيد ونفتالي بنيت، وعودة زعيم حزب العمل إيهود باراك بعد فنائه وإعتزاله والذي شل حزبه تماما بعد وفاة رفيق دربه بنيامين بن أليعازر بحيث فقد ذلك الحزب قوته ونفوذه خاصة بعد التصدع الذي لحقه إثر تشكل حزب كاديما من رحمه برأسة تسبي ليفني. بالتالي يبقي فقط حزب أزرق – أبيض المنافس الشرس في الإنتخابات القادمة خلال شهر سبتمبر 2019 لحزب الليكود وبدرجة أقل حزب أفيغدور ليبرمان.

إذ تعتبر نواة قوة تلك الحكومة القادمة المرتقبة متركزة بالأساس في ضم بعض الوزراء الحاليين للحكومة خاصة منهم جلعاد آردن ويإسرائيل كاتز ونفتالي بنيت وربما صفقة مع بعض قادة حزب أزرق – أبيض أو مع أفغدور ليبرمان علي بعض المناصب الوزارية مع إحتمال ضم بعض المستشارين السابقين والمقربين لدوائر الخارجية الإسرائيلية خاصة منهم أوفير جلتمان أو إمكانية التحالف مع بعض الأحزاب اليمينية المعتدلة. أما بخصوص إئتلاف حزب أزرق – أبيض الذي يعتبر وليدا حديثا تحت قيادة الجنرالات الثلاثة بني غانتس ويائير لبيد وموشي يعالون فهو بدوره ممكن أن يحدث مفاجئة بحيث يبقي من أبرز المنافسين الحقيقيين لحزب الليكود العريق والمصنف الأوفر حظا للفوز في الإنتخابات القادمة.

 

*كاتب تونسي

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment