بقلم: المحامي عمر زين*
ان ماضي الامة العربية المجيد وتاريخها المضيء، وبطولات قادتها ورجالاتها على مر الزمان جعلتها في مركز مرموق بين الامم الى ان نشأت الصهيونية التي وضعت فلسطين نصب اعينها، فراح مفكروها والداعون لها يخططون ويجهدون في دس الدسائس وابتكار المؤامرات للنيل من الامة، فكان لهم السيطرة على فلسطين لكن الصهاينة ما استكانوا وبقوا على افكارهم التوسعية وعلى احقادهم وكراهيتهم لشعوب الارض كافة وبخاصة العرب والامة العربية.
ومن اجل السيطرة على الامة واخضاعها تولى مفكرو الصهيونية دراسة السبل الآيلة الى ذلك وعلى رأسهم مؤسس الصهيونية العالمية ثيودور هرتزل الذي خلص الى مقولته الشهيرة:
"سنولي عليهم سفلة قومهم حتى يأتي اليوم الذي تستقبل فيه الشعوب العربية جيش الدفاع الاسرائيلي بالورود والرياحين"
ان الصهاينة قد اتخذوا من القول المذكور هدفاً يسعون لتحقيقه، وهم يحاولون إلهاء شبابنا عن قضيتهم ويروجون من خلال اعلامهم افكاراً مسمومة ألهت اجيالنا المتعاقبة عن التفكير بالوحدة وبالقومية وباستعادة فلسطين، وهم يحاولون السعي الى تولية مسؤولين لا يتحلون بمزايا القيادة ولا تهمهم قضايا اوطانهم ولا قضايا امتهم.
حتى لا نقع في المحظور، وقد كنا، يجب على الجميع، قادة ومسؤولين وشعوب وبخاصة الشباب توجيه الجهود للخلاص من الامية والفقر والفساد في مجتمعاتنا العربية بعدما اوشكنا على بلوغ الدرك الاسفل في التصنيف العالمي للمجتمعات الاكثر تخلفاً، ويجب علينا ايضاً وفي سبيل النهوض بمجتمعاتنا التخلص من القواعد العسكرية الاجنبية المنتشرة في ربوع الوطن العربي حيث تقوم بتنفيذ اجنداتها الخاصة في الداخل والخارج.
علينا ايضاً تحقيق ثقافة المواطنة والمقاومة في عقول ابنائنا فبذلك ننهض ويُحسب لنا حساب بين الامم، ويقتضي مغادرة الطائفية والمذهبية والعشائرية والمناطقية الى غير رجعة.
عليكم ان توقفوا التقاتل والتناحر والفتنة بين صفوفنا مهما كلف ذلك من جهد وتعب ووقت حيث ما زال الدم العربي يقطر وما يزال الجهل العربي متفشياً.
ناضلوا لننتقل من دولة المزرعة الى دولة القانون والمؤسسات، دولة تحترم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، تؤمن حقوق الشعب في الحرية والكرامة والصحة والتعليم، وتكفل بناء الدولة المدنية العادلة المحصنة من اطماع الاجنبي ومخططاته المدمرة.
إعملوا لكل ما يوحدنا لنعطل مفعول سايكس – بيكو فإلى السوق العربية المشتركة، والى محكمة العدل العربية والى الاتفاقية العربية للدفاع المشترك والى....
فيا ابناء الامة العربية لا بد من الالتزام بقيم الحق والخير والرحمة والعدالة والتسامح والسلم الاهلي واحترام حقوق الانسان، والسعي في سبيل الوحدة والنهوض ومواجهة الاعداء، والايمان المطلق بأن قضيتنا المركزية فلسطين لا بد من تحريرها من البحر الى النهر من براسن الاحتلال الصهيوني الذي هو المسبب الاول لكل ما يعتري الامة من وهن وضعف، وبتوفير كل القوة اللازمة من اجل ذلك.
ولا بد من الانتباه الشديد الى القتلة الاقتصاديين الموظفين لدى الادارة الاميركية والذين تحدث عنهم جون بيركنز وهو واحد منهم في كتابة اعترافات قاتل اقتصادي حيث جاء فيه في الصفحة (20) ما حرفيته:
" هذا خيرُ ما نفعله نحن القتلةَ الاقتصاديين: نبني إمبراطورية عالمية. إننا نخبة من الرجال والنساء الذين يستخدمون المؤسساتِ الماليةَ العالمية لاختلاق ظروف تجعل الشعوب الأخرى خاضعة للسلطة التي تُدير حكومتَنا وشركاتِنا الكبرى ومصارفَنا. وكمثل ما يفعل أندادُنا في المافيا، يُقدِّم القتلةُ الاقتصاديون صنيعَ الخدمات. وهذه تتخذ شكل قروضٍ لتطوير البنية التحتية – مثل محطات توليد الكهرباء، والطرق السريعة، والموانئ، والمطارات، والمدن الصناعية. وشرطُ هذه القروض أن تتولّى بناءَ هذه المشاريع شركاتُ الهندسة والبناء من بلدنا نحن. فذلكةُ القول إن معظم المال لا يُغادر الولايات المتحدة مطلقا؛ إنه بكل بساطة ينتقل من مكاتب البنوك في واشنطن إلى مكاتب الشركات في نيويورك أو هيوستن أو سان فرانسيسكو.
وبالرغم من أن المال يكادُ يعودُ فورا إلى الشركات الأعضاء في سلطة الشركات (صاحبة القرض)، فإن على البلد المدين أن يُسدِّدَه بالكامل، أصلَه وفوائدَه جميعا. فإنْ حظي القاتلُ الاقتصاديُّ بالنجاح التامّ، فالقروض التي اختلقها تكون من الضخامةِ بحيثُ يُضطرُّ المدينُ بعد بضع سنين إلى التخلف عن سداد دفعاتِه. فإن حدث هذا، نفعلْ كما تفعلُ المافيا، نطلبُ نصيبَنا من اللحم. وغالباً ما يعني ذلك واحداً أو أكثرَ مما يلي: سيطرتنا على التصويت في الأمم المتحدة، أو إقامة قواعد عسكرية، أو الوصول إلى مصادر طبيعية ثمينة، كالنفط أو قناة بنما. وبطبيعة الحال، لا يزال المدين مديناً لنا بالمال المقترض – وبذلك تكون دولةٌ أخرى قد انضمت إلى إمبراطوريتنا العالمية".
كل ما تقدم وغيره كثير يقتضي تحقيقه كي لا نصل الى ذلك اليوم الذي وعدنا به مؤسس الصهيونية العالمية في قياداتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمهنية والاعلامية....
*الامين العام لاتحاد المحامين العرب
Comments