bah أمريكا - إيران.. كيفية إيجاد صيغة تفاهمية - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

أمريكا - إيران.. كيفية إيجاد صيغة تفاهمية

01/11/2020 - 20:23 PM

absolute collision

 

 

بقلم الكاتبة الصحفية : إيريني سعيد          

 

تتعاقب الأنظمة السياسية ونظم الحكم المختلفة على كلا البلدين سواء الولايات المتحدة أو إيران، ومع ذلك لم تختلف أطر الصراع أو الأزمة بينهما بقدر ما ازدادت وتفاقمت تداعياتها، وبالرغم من تعدد أسباب هذه االأزمة، إلا أن سلوكيات إيران بالمنطقة، وانتهاجها سياسات غير شرعية فى تعاملها مع الملف النووى تعد الأسباب الأبرز والأكثر جوهرية، بل بالأكثر الأسباب التى طالما تذرعت به الولايات المتحدة في سلوكها المعادي تجاه إيران.

طفرة واضحة يشهدها الصراع الأمريكي الإيراني، الذي ازدادت حدته على إثر غارة جوية أمريكية، استهدفت موكب قائد قوات فيلق القدس - أبرز وحدات الحرس الثوري الإيراني - قاسم سليماني، ومعه نائب رئيس وحدات الحشد الشعبي العراقي أبو المهدي المهندس، خلال الأيام القليلة الماضية، وبالقرب من مطار بغداد، بعد سنوات من الحرب الكلامية والتهديدات من الجانبين دون خطوة انتقامية تذكر، وإن تخللتها بعض الضربات الهزيلة تماشياً مع العبارة "نحن هنا ".

أعطى الرئيس الأمريكي الإشارة للتخلص من سليماني رأس حربة إيران بالمنطقة كما أطلقت عليه الوكالات الدولية، والملفت أن ما جرى يحمل غياباً تاماً للقناعات الترامبية، وأهمها ترك المنطقة والانكفاء على الداخل الأمريكي، ترامب والذى سحب جنوده من أفغانستان خلال الاحتفالات بأعياد الميلاد العام الماضي، فى دغدغة لمشاعر المواطن الأمريكي - رهان ترامب الوحيد - وإثارة الجانب العاطفي لديه بعودة ذويه وأقاربه من المجندين، من المؤكد له أسبابه المنطقية فى الاحتكاك بطهران على هذا النحو السافر وخلال نفس الاحتفالات في العالم الحالي، وربما الرغبة فى إخضاع إيران وإعادتها لطاولة المفاوضات، بل وتحجيمها، جميعها أبعاد مهمة أعطت الدفعة للرئيس الأمريكي، فطالما قوبل الجموح الأمريكى بالرعونة الإيرانية.

 منذ الثورة الإيرانية 1979 وعقب عملية الانقلاب على شاه إيران وتعاصر العلاقات الأمريكية الإيرانية حالة من الجمود والتوتر، امتدت تبعاتها لتؤثر بل وتحكم السلوك الإيراني داخليا وخارجيا، وهو أيضا ما جعل إيران فى حالة دائمة من الحراك السياسي والاقتصادي، كنتيجة بديهية لهذا الجمود، حتى وإن ظلت بالصمود المتعارف عليه فى وجه المارد الأمريكي.

تواجه إيران معضلة من نوع خاص، فالوضع الداخلي يمر بحالة غير مسبوقة من عدم الاستقرار على المستويين السياسي والاقتصادي، إزاحة نظام الملالي أصبحت المطلب الرئيسي لدى القطاع العريض من الإيرانيين، والذين أدركوا حجم التداعيات والتراجع جراء سياسات وقناعات هذا النظام، فيكفي أذرعه وميليشياته والمنتشرة في معظم أنحاء الشرق، والدعم المقدم لها على حساب الشعب وموارده.

المتابع لتركيب الدولة الإيرانية بإمكانه وبسهولة ملاحظة أن إيران ليست بالدولة القوية، بل استمدت قوتها من إضعاف من حولها، ولولا التوظيف المذهبي - الشيعي - والذى أجادت استخدام أدواته، لظلت الدولة البعيدة عن كل مفاهيم الإستراتيجية وتوازنات القوى المختلفة، وعلى الصعيد الدولي وبعد الضربة الأمريكية الأخيرة، وتأرجحها فى الرد واستمرارها في التهديد والتوعيد دون رد فعل قوى يتوازن والضربة الأمريكية - اللهم باستثناء الهجمات الطائشة بجوار القواعد الأمريكية والمتواجدة بالعراق -، فمظهرها الخارجي لم يعد بنفس الثبات بعد إراقة ماء وجهه.

ترامب اكتفى بالضربة وتوجه إلى معركته الانتخابية الداخلية، وهوما يوحى بالطمأنينة وتراجع المخاوف بشأن اندلاع الحرب، والإعلان أمس عن انفتاحه على إتفاق جديد مع إيران، هو خطوة إيجابية، وإن قوبلت بالرفض من قبل طهران، فلا بأس نتفهم الرفض الإيراني، وتحديدا في هذا التوقيت لعلها تريد الاحتفاظ بما تبقى من كبريائها، إنما عليها استحسان الفرص واقتناصها، فلم يعد بمقدورها الصمود والتماسك والذى طالما تظاهرت به، في وجه الضربات أو حتى حزم العقوبات الأمريكية المتتالية، فإن لم يكن لفارق القوى العسكرية والاقتصادية بينها وبين الولايات المتحدة، فمن أجل الفتيل المشتعل والاحتجاجات المتصاعدة بالداخل، لا بد من التفاوض من أجل إيجاد صيغة تفاهمية.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment