سيمون حبيب صفير
جور صحّيّة غير مُطابقة للمواصفات تنتشر في لبنان على عين الدولة التي يجب أن تستفيق لإنقاذنا من هذا التّسيّب الذي يجب أن تضع له حدّاً نهائيّاً بالطّرق القانونيّة والهندسيّة والبيئيّة المعتمدة عالميّاً.
يجب أن نتعاون كلبنانيّين وككسروانيّين على وجه الخصوص، وكمثقّفين بيئياً وأصحاب صحوة وضمير، لإيجاد حلّ جذريّ لمشكلة الصّرف الصّحّيّ في كسروان- الفتوح، حيث أسكن وأعاني من فظاعة التلوث جراء "فلتان" بعض الجور الصّحيّة، وذلك عبر العمل الحثيث مع المراجع المختصّة لا سيّما مع كل من وزارة الأشغال العامّة والنقل، والبيئة والصحة، والداخلية والبلديات، وإتحاد البلديات ومجلس الإنماء والإعمار وكلّ الجهات المحليّة ذات الصّلة والمنظمّات الدوليّة المانِحة، لا سيّما الإتحاد الأوروبي، لتنفيذ مشروع بيئيّ بامتياز وهو تجهيز كلّ مناطقنا بشبكات صرف صحي ومحطات تكرير حديثة وبرك اصطناعيّة لتجميع مياه الشتاء منعاً للهدر، ويكفي مشاهدة مخالفات بيئيّة في أكثر من منطقة، أكانت مقصودة ومتعمّدة أم غير مقصودة ومتعمّدة من المخالفين، حيث تفيض الجور الصّحيّة، ويحصل ان كلّ المال الذي يجمعه سكان البنايات من اشتراكات شهريّة للصيانة وتأمين الخدمات اللازمة، يكاد لا يكفي إذ يُخصّص من البعض أحياناً لإفراغ محتوى هذه الجور التي تلوث البيئة وتشكّل خطراً على كلّ سكّان هذه الأبنية أولاً وعلى المباني المجاورة لها ثانياً، وبالتأكيد على السّلامة العامة حيث تتسبّب المواد اللزجة بانزلاق السيارات خصوصاً على الأوتوسترادات التي يعمد البعض إلى تسريب محتويات جوره إليها لا سيّما في الطقس الماطر حيث تختلط مياه السماء النظيفة بمياه الأرض القذرة كارتكابات طغمة السّلطة الفاسدة في وطن الأرز الذي نعمل من أجل التحرر منها بقوّة ثورتنا الشريفة!
وأي مرجعيّة رسميّة يمكننا التوّجه إليها بسؤالنا البديهي: ما الحلّ أيها "المسؤول"... وهو مسؤول عن استغلال منصبه وصرف النفوذ وشهادة الزور والإثراء غير المشروع على حساب خزينة دولتنا أي جيوبنا؟!
الأفظع إنّ أصحاب الصهاريج الذين نلجأ إليهم، يملأون خزّانات صهاريجهم هذه من الجور التي يفرغونها ويتحيّنون الفرص السانحة لإفراغ حمولاتهم في البحر او بعض الوديان في غياب الحسيب والرّقيب.. أو بتسهيل وصرف نظر من نواطير الدولة المُستفيدين من تغطية المخالفات ومنهم بعض الأمنيّين!!! والدّولة لا تزال تتقاعس عن حلّ هذه المشكلة الصحيّة البيئيّة المزمنة.. ليظلّ لبنان يصنّف من دول العالم الثالث.. النامية!
إن هذه الكارثة البيئيّة لا يمكن أن تظلّ جاثمة على صدورنا، ونتعامى عنها لأنها تنال من صحّتنا ومالنا وبيئتنا براً وبحراً وجوّاً! فالمال المهدور لإفراغ الجور الصّحّيّة (غير الصّحّيّة!) بإمكاننا تسخيره للتّجميل والتّحسين والتّطوير ولا سيّما لزرع الأشجار وخصوصاً المثمرة في محيط بناياتنا ومؤسّساتنا كافّة!
أخجل شخصيّاً كمواطن لبناني أكاديميّ حضاري من رؤية سوائل الجور الصّحّيّة وشم روائحها المقزّزة، وهي التابعة لأبنيتنا السّكنيّة وصروحنا السّياحيّة والصّناعيّة والاستشفائيّة والتّربويّة والقضائيّة الخاصّة والرّسميّة.. تغطّي الأرض التي نطأها بأقدامنا ثم ندخل إلى مراكز أعمالنا ومنازلنا فنُدخِل إليها الجراثيم.. إذ لا وقاية ولا تعقيم!!!
يجب أن تتحمّل إتحادات البلديّات في لبنان كله، مسؤوليّاتها على هذا المستوى، ونتحمّل نحن كمواطنين مسؤولياتنا أقلّه على مستوى رفع الصوت والمطالبة بحقوقنا المكتسبة.. فالساكت عن الفساد والفاسدين يُعتبر مُطَواطئاً شريكاً جباناً!!!
رائحة الفساد في لبنان تفوق رائحة الجور الصّحّيّة التي يفرغها أصحابها أحياناً كثيرة على الطرق خصوصاً في أوقات هطول الأمطار، كما أسلفتُ، ما يضاعف خطر انزلاق السّيارات والآليات والتسبّب بحوادث سير لا تحمد عقباها!
وهنا لا بدّ من سؤال: كيف تمنح دولتنا تراخيص البناء في ظلّ تنامي مشكلة الصّرف الصّحّي في المناطق المفتقدة إلى شبكات صرف صحّي متطوّر وعصريّ، وّهي التي يزداد عدد سكانها من دون أن تبادر الدولة إلى تطوير شبكات خدماتها وصيانتها دورياً وعند الحاجة كما يجب خدمةً للسكان وحفاظاً على أمنهم الصّحّيّ؟
وكيف سُمح بتحهيز أبنية بجور صحّيّة، مفتوحة القعر لتصل مباشرة إلى المياه الجوفيّة فالبحر؟! ويا للمصيبة!
أمّا بالنّسبة إلى الجور الصّحّية التي يجهّزها أصحابها بمحطّات التّكرير عملاً بالقانون الحديث الذي أقرّته الدولة والذي ينفّذ من خلال جهاز التنظيم المدنيّ، فيمكن الاستغناء عنها وتوفير مبالغ كبيرة يتكبّدها تجّار البناء وكلّ من ينجز مشروع بناء خاص أو عام، بمجرّد مبادرة الدّولة إلى تنفيذ مشاريع مدّ شبكات صرف صحّيّ ومحطّات تكرير على امتداد جغرافيا الوطن الملوَّث، لينعدم هدر المال والشكوى!
على هذا المستوى لا بدّ من اضطلاع جهاز التنظيم المدنيّ بمسؤوليّاته ليشارك في وضع الحلول!
هل ستبادر الحكومة مجتمعة ووزير البيئة بشكل خاص، إلى وضع ستراتيجيّة بيئيّة من ضمنها حلول تقنيّة فنيّة حضاريّة لمشكلة الصّرف الصّحّيّ في لبنان تلافياً لحدوث الأسوأ؟!
نأمل ذلك بل نطالب بإلحاح بوضع الخطط العملانيّة اللازمة بالتعاون مع الجهات المختصّة لا سيّما وزارة الدّاخليّة والبلديّات والمُحافظات والقائمقاميّات والبلديّات ونقابة المهندسين وجهاز التنظيم المدنيّ وكلّ المنظّمات والهيئات والمرجعيّات الدّوليّة من ضمنها البنك الدولي، هي التي تُعنى بالشأن البيئي وبشأن حقوق الإنسان...
المشكلة تحتاج حلاً سريعاً اليوم قبل الغد... فهلمّوا نشبك أيدينا ونضافر جهودنا ونعمل كلّنا لخيرنا وخير البيئة والطبيعة المُؤتمنين عليها... رحمة بصحّتنا وبحاضرنا ومستقبلنا!
يكفينا الوضع السياسيّ والأمنيّ والاقتصاديّ والماليّ الذي ينافس سلبيّاً وضع الجور الصّحّيّة!
فهلمّوا نغيّر معاً من أجل الأفضل والأرقى والأجمل!!!
Comments