الدكتورة ضحى الطالباني - كلية دجلة الجامعة
نظرا لأزدياد أعداد المصابين بفايروس كورونا في دول المنطقة والذي استوجب اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة انتشاره تمثلت هذه الإجراءات بتعطيل المدارس والجامعات ودور الترفيه واغلاق المنافذ الحدودية إضافة الى التوعية بأعراض الإصابة بالفايروس من خلال كافة الوسائل المتاحة، الا ان المسؤولين عن حملات التوعية اهملوا جانب مهم جدا وهو التوعية القانونية حول الموضوع. فكان من الضروري الى جانب التوعية الطبية التركيز على نشر التوعية القانونية بهذا الخصوص وبيان ما يترتب في حال امتناع الشخص المصاب من التوجه للجهات المختصة والابلاغ عن حالته، فهل هنالك مسؤولية قانونية عليه؟ كما كان من المفروض التوعية بخصوص ما يترتب على حامل المرض في حال قام بنقله عمدا الى شخص اخر هل هنالك مسؤولية جنائية؟.
المرض الانتقالي
من خلال هذا المقال سأجيب على هذه التساؤلات وفقا لما نص علية المشرع العراقي حيث عرفت المادة رقم ٤٤ من قانون الصحة العراقي المرض الانتقالي على انه (المرض الانتقالي هو المرض الناجم عن الإصابة بعامل معد او السموم المولدة عنه والذي ينتج عن انتقال ذلك العامل من المصدر الى المضيف بطريقة مباشرة او غير مباشرة) كما الزم المشرع العراقي من خلال قانون الصحة الجهات المسؤولة بمكافحة هذه الامراض ومراقبتها ومنع تسربها من خارج القطر الى داخلة وبالعكس وذلك للحد من انتشارها من خلال نص المادة رقم ٣ فقرة ثانيا الا انه في حقيقة الامر لم تلتزم الجهات المعنية بذلك فما زالت المنافذ الحدودية مفتوحة مع الدول ذات الإصابات المرتفعة، كما تناولت المادة ٤٦ مجموعة من التدابير الاحترازية التي يجب على الاجهزة المعنية الأخذ بها للحد من انتشار المرض والحقيقة كان تنفيذ هذه التدابير متوافق مع ما نص علية القانون وهي نقطة تسجل للجهات الحكومية العراقية.
قانون الصحة العراقي
تجدر الإشارة الى ان قانون الصحة العراقي قد خصص الفصل الثاني من الباب الرابع لبيان الاحكام العقابية جراء مخالفة احكام هذا القانون الا انه عند استقراء نصوص المواد نجد ان المشرع قد تجاهل اهم الاحكام المتعلقة بإخفاء المريض لمرضه، او في حال قام المصاب عمدا بنقل العدوى لشخص اخر او في حال قيام شخص بالامتناع عن التعليمات التي تحد من انتشار الامراض المعدية لم يتناول القانون كل ما سبق، خلافا لما نص علية قانون الصحة الأردني فقد تناول كافة المواضيع من خلال نص المادة 22 على أنه يعتبر جريمة قيام كل شخص أخفى عن قصد وكان مصابا أو عرّض شخص للعدوى بمرض وبائي أو تسبب عن قصد بنقل العدوى للغير أو امتنع عن تنفيذ اي اجراء طلب لمنع تفشي العدوى. أما المادة 66 من نفس القانون فقد حددت العقوبة بالحبس من شهرين الى سنة أو بالغرامة بحد أدنى 500 دينار وبحد أعلى 1000 دينارأو بكلاهما. نتمنى على المشرع العراقي التنبه والسير على خطى المشرع الأردني بتجريم كل من يتعمد نقل المرض الى شخص اخر او يهمل ويتجاهل الاحكام التي تتعلق بمنع تفشي الامراض المعدية وذلك بالنص على هذه الاحكام من خلال مادة واضحة في قانون الصحة العراقي.
نصوص قانون الصحة
وبموجب عدم تجريم المشرع العراقي لموضوع الامراض الانتقالية واليات نقلها بشكل عمدي ضمن نصوص قانون الصحة كان لابد لنا من استعراض موقف قانون العقوبات وهل افرد المشرع العراقي نص يتعلق بتجريم ما سبق وفقا لإحكام قانون العقوبات العراقي ام انه ترك الامر للإحكام العامة؟
تناولت المادة ٣٦٨ والمادة ٣٥١ موضوع ارتكاب الشخص عمدا فعل من شأنه نشر مرض خطير يضر بحياة الافراد الا ان المادة ٣٥١ اشترطت ان يكون ذلك من خلال وضع جراثيم او مواد من شانها ان يتسبب عنها الموت في بئر او خزان مياه او مستودع، بمعنى انها حددت الفعل والوسيلة على سبيل الحصر لا المثال، وهذا بالتالي ليس النص القانوني المناسب لحالة نقل المرض الانتقالي بشكل عمدي.
الامراض الانتقالية المعدية
لذلك يثار التساؤل حول التكييف القانوني الصحيح لواقعة نقل الامراض الانتقالية المعدية سواء كان ذلك بطريقة العمد او الخطأ، فمن خلال الاستعراض السابق يمكن اسباغ اقرب وصف ينطبق على واقعة نقل العدوى والقول ان الاحكام العامة لقانون العقوبات هي الاحكام الواجبة التطبيق لخلو القوانين من احكام خاصة لتنظيم الموضوع وبذلك يكون في حالة نقل العدوى بشكل عمدي فان ناقل العدوى يسال عن جريمة قتل او الشروع فيها وذلك وفقا للنتيجة التي ترتبت على فعله او قد يسال وفقا لإحكام الايذاء المفضي الى الموت او وفقا لإحكام جريمة الايذاء .
أخيرا نتمنى بذل الجهود المطلوبة من اجل نشرالوعي والتثقيف قانونيا وصحيا من خلال التوعية في مختلف وسائل الاعلام بان الإبلاغ عن الامراض الانتقالية المعدية امر واجب على الجميع وان عدم التزام المريض او المصاب بالتعليمات او إخفاء مرضة قد يؤدي الى مسائلته قانونيا.
نتمنى السلامة للجميع
Comments